بعد فترة من اندلاع الحرب الأهلية، تعرّف جان شمعون الذي كان يعمل في المركز الوطني للسينما، إلى زياد الرحباني الذي كان قد هجر للتوّ بيت العائلة. جمعتهما “إذاعة لبنان” في برنامج بات اليوم أسطورياً، هو “بعدنا طيبين... قول الله”. منذ تلك الأيام أطلق عليه زياد على جان لقب “الرجل المهرجان” الذي اتخذه فجر يعقوب عنواناً لكتابه، فقد كان صاخباً لا يهدأ. وراودت الاثنان آنذاك فكرة مسرحيّة عنوانها “المفتاح الثاني عشر”. فعندما كان يهاجر أحد الأصدقاء بعيداً من ويلات الحرب، كان يترك مفتاح الشقة المشتركة التي تجمع الأصدقاء لدى جان. حتى أصبح عدد المفاتيح بين يديه 12 مفتاحاً.يومها، فكر جان في صنع فيلم عن فيروز، فنصحه زياد بعدم المغامرة لأن فيروز صعبة المزاج. لكن جان أقدم على المغامرة، وبعد جلسات عدة، أقنعها بتصوير الفيلم... ودارت الكاميرا فعلاً. إلا أنها توقفت في منتصف المسافة، بعدما تصاعدت حدة الحرب وانهمك شمعون بالسينما الميدانية. هكذا طويت الفكرة، مثلما طويت قبلها فكرة فيلم “أنطون سعادة” وفيلم روائي عن “أدهم خنجر” أحد رجالات المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي. كأن قدر هذا المخرج أن يكون أسيراً لأفلام الحرب، والشاهد الرسمي على ويلاتها وجامع ذاكرتها وأرشيفها... وبالطبع، حاصد جوائزها، من “أيّام قرطاج...” إلى مهرجانات لايبزغ، وفالنسيا، وباريس، ونيويورك.