باسم الحكيم
من منّا لا يذكر «أخوت شناي» و «أربع مجانين وبس» و... «بربر آغا» الذي كان يفرغ شوارع بيروت لدى عرضه؟ كلّها مسلسلات ولدت في مخيّلة أنطوان غندور الذي يحتفل بمرور 48 عاماً على بداية مشواره. مسيرة بدأت في تلفزيون لبنان... ولن تتوقّف عند تعاونه الحصري الجديد مع LBC

أوّل ما يتذكّره انطوان غندور حين تسأله عن البدايات، ذلك اليوم الذي طُلب منه كتابة سيناريو وحوار للمرة الأولى. يومها، كان هاوي كتابة القصص القصيرة، ولم يكن يعرف معنى كلمة “تلفزيون”، “لأننا لم نكن نملك جهازاً في منزلنا”. أما اليوم، فبات أكثر من يعرف معنى هذه الكلمة، لأن بينه وبين الشاشة الصغيرة “عشرة عمر”.
خلال مسيرته الطويلة، قدم غندور مئات الحلقات الدراميّة التي لا تزال عالقة في ذاكرة التلفزيون والمشاهد معاً. ويشهد أرشيف “تلفزيون لبنان” منذ مطلع الستينيّات، على ارتباط اسمه بالنجاح. من منّا لم يشاهد “بربر آغا” (مطلع الثمانينيات) و“أخوت شناي” (عام 1973)، و“دويك” و“أربع مجانين وبس” (عام 1982)؟ أو لم يسمع عن “القفورة” و“أبو بليق” أو حتى “كانت أيّام”، و“شباب 73” و“الصقيع” و“سقوط زهرة البيلسان”؟ اللائحة طويلة، وقد أسهمت في صناعة نجومية عدد من وجوه الدراما، من أنطوان كرباج ونبيه أبو الحسن، وفيليب عقيقي إلى إيلي صنيفر، وصلاح مخللاتي، وحنا معلوف وسواهم، فيما آثر هو دوماً البقاء في الظلّ.
يتذكّر أيضاً كيف كانت تبدو الشوارع في بيروت خالية في بيروت ليلة عرض “بربر آغا”، مشيراً إلى أنّ العمل قادر على تحقيق نجاح مماثل في كل مرة يعاد بثّه. والدليل أنّ “تلفزيون لبنان”، حين أعاد عرض “أربع مجانين وبس” قبل عامين، حقق أعلى نسبة مشاهدة، بحسب إحصاء إحدى شركات الإحصاء في لبنان”.
لكن غندور لا يرى نجاحه وليد الصدفة، “فالروح اللبنانيّة الطاغية في أعمالي هي التي يبحث عنها المشاهد”. ويفاخر لأن “ليبيا رفضت مسلسل “الصقيع” بعد بيعه إلى جميع الدول العربيّة، لأن هويته لبنانيّة بامتياز، بحجة أن الثلوج لا تتساقط إلاّ في لبنان!”. ويتحدث بحماسة عن مسلسل “كانت إيّام” الذي “أعان أربعمائة طالب على نيل شهادة الدكتوراه، من خلال أسماء المراجع التي كانت تعرض في بداية كل حلقة”، ومسلسل “سقوط زهرة البيلسان” الذي حصد عنه جائزة الحوار في جامعة الدول العربيّة.
وبعيداً من أيام الزمن الجميل، لا يبدو غندور اليوم راضياً عمّا تقدمه المسلسلات المحلية. هي، مثلما يقول، لا تحمل من الهويّة اللبنانيّة إلاّ أسماء كاتبها ومخرجها وأبطالها. ويأسف لأننا لا نحافظ على تراثنا في الدراما اللبنانية، في ظّل الاستسهال في المعالجة، وهو ما حوّل هذه الصناعة إلى تجارة”. يعرف غندور جيّداً مكامن الخلل فيها، لكنه لا يزال يطرح سؤالاً، يعرف إجابته سلفاً: «لماذا لا تعرض الفضائيات العربيّة المسلسل اللبناني”؟ آتاه الجواب من أحد القيميّن على التلفزيون التونسي، فـ “المسلسل اللبناني يعلم أولادنا على المخدرات، ورجاله يلهثون دائماً وراء النساء”. ويوجه أصابع الاتهام إلى “مسلسلات المائة والمائتي حلقة التي تقدم على الطريقة المكسيكيّة”. ويغمز من قناة شكري أنيس فاخوري، ويتساءل: “ألم تجد رجالاً لاهثين وراء النساء في “السجينة” أو “امرأة من ضياع”؟. ويتهم فاخوري بالاستعانة بمسلسلاته السابقة في أعماله الحاليّة. ويقول: “فكرة مسلسل “امرأة من ضياع”، هي نفسها فكرة “نورا”، لكن الأسلوب هنا حديث ومتطور”. غير أنه يستدرك سريعاً: “لست ضده، هو أفضل من غيره، لكن حرقة قلبي هي على هويّة المسلسل اللبناني، فدور الكاتب هو إيصال اللهجة اللبنانيّة، كما وصلت اللهجة المصريّة والسوريّة إلى جميع الأقطار العربيّة”. ويتحدث بمرارة عن “المنتج العربي الذي يصرّ على مشاهدة حلقات المسلسل اللبناني كاملة، ويشترط حذف مشاهد وحلقات، فيما يشتري العمل السوري وهو لا يزال على الورق”.
منذ أشهر، يعكف غندور على كتابة ثلاثيات “ليلة القرار”، مشيراً إلى أن “كتابة هذه الحلقات تحتاج إلى أشهر من الأبحاث المضنية”. لكنه يعد محبي أعماله بمجموعة من الأفلام التلفزيونية، “طلبها بيار الضاهر، رئيس مجلس إدارة “أل بي سي”، إضافة إلى أعمال أخرى، ستتّضح معالمها في وقت لاحق”. ويؤكد: “الشاشة التي ستعرض أعمالي بدءاً من اليوم، هي LBC”. أما الوسيط بينه وبين القناة، فهو المنتج والمخرج إيلي معلوف، صاحب شركة “فونيكسن بيكتشر إنترناشونال”. وماذا عن “حين يزهر اللوز”، و“حكايات الحنين” بعدما أعلن سابقاً أنه بصدد الإعداد لهما؟ يجيب: “النصوص موجودة في انتظار منتج”. وإيلي معلوف الذي تجمعه علاقة وطيدة بـ“أل بي سي”، يبدو متحمسّاً للإنتاج لغندور الذي يرى «نصوصه مكسباً للدراما ولشركتي”.
هناك أيضاً “الأستاذ ماجيستيك” لا يزال حبراً على ورق، على رغم تعاقب ترشيحات الممثلين لبطولته، بينهم دريد لحّام وأنطوان كرباج. لكن المسلسل سيجد طريقه إلى الإنتاج قريباً. كما أن “الآنسة قرطاسيّة”، المذيعة التلفزيونيّة صاحبة التقارير الساخنة، (جسّدت ليال ضو بطولة الحلقة التجريبية لصالح “نيو تي في” قبل ثلاث سنوات)، ستطلّ قريباً على شاشة تؤمن بـ “قرطاسيا” كمذيعة، وتجد في فشلها متعة للمشاهدين. ويفضل أخيراً عدم الغوص في تفاصيل “حكايات الحنين” الذي كان يكتبه في الفترة نفسها لصالح قناة “روتانا طرب”، يوم كانت تخطط لانقلاب طربي تنافس به قنواتها الموسيقيّة، والحجة هي “خوفي على فكرته من السرقة”.