دبي ــ زياد عبد الواحد
يتصرّف الرجل بكثير من “الحكمة التسويقية”. يبتسم لعدسة المصوّرين أمام برج العرب، تماماً كما يفعل السياح أو الراغبون في إظهار امتنان ما أو انتماء الى دبي، عبر التصوّر أمام أحد معالمها... يحمل نسخةً من روايته الجديدة “ساحرة بورتوبيللو”، ويتقصّد أن يبدو الغلاف واضحاً، عند مستوى موازٍ لأسفل قاعدة البرج الذي يجسّد أقصى درجات الفخامة في دبي والخليج.
برج العرب فندق سبع نجوم. والروائي البرازيلي باولو كويلو هو أيضاً “روائي سبع نجوم”؟ لهذا ربّما استضافته حكومة دبي أخيراً للاحتفاء بالنسختين العربية والانكليزية من روايته الجديدة. إلا أنّه لا أحد يعرف إن كان كويلو تقصّد أن تكون دبي حاضرة في أحداث الرواية، الى جانب مدن أخرى مثل بيروت ولندن. بطلة القصة التي تدعى أثينا تخلّت عنها عائلتها في ترانسيلفانا، لتنتقل بعدها الى بيروت، حيث تتبنّاها إحدى العائلات، قبل أن تسافر الى لندن ودبي. مسار قد لا يحمل، بالضرورة، “شبهة” التشكيك في نيّة الكاتب الذي يقرأه الملايين من الشباب بشكل أساسي.
خلال حفلة إطلاق روايته في دبي، تحدّث صاحب “الخيميائي” مجدداً عن مدى تأثّره بالثقافة العربية، بجبران وكتاب ألف ليلة وليلة. حكى عن “موقع دبي الذي يزداد أهمية... هنا حيث تتجاور الثقافات المختلفة، وتتعايش بسلام. دبي الحلم الجميل الذي تحوّل واقعاً جميلاً”. وأبدى صاحب “11 دقيقة” قابليّة وطواعيّة استثنائيّتين، في التعاطي مع الآلة التسويقيّة التي تعتبر الأكثر هديراً في دبي اليوم بعد رافعة المباني. بالتالي، بدا كالوصفة السحرية التي تناسب الخطّة التي وضعتها الحكومة وتهدف إلى تحويل دبي إلى مركز استقطاب ثقافي في العالم العربي... لا سياحي وتجاري فقط. ورواية كويلو التي تروّج بشكل ما لاسم دبي، ستحقّق نجاحاً جماهيرياً بلا شكّ، ملبّيةً بذلك رغبة مستضيفي كويلو في مزيد من الترويج العالمي للإمارة الشهيرة.
عيد المنتفق، رئيس مجلس إدارة “تطوير”، الشركة العقارية التي استضافته (تابعة لحكومة دبي)، أكد أهمية استضافة باولو كويلو: “نعتزّ بمشاركتنا في صناعة الحدث الكبير. أن يطلق روائي عالمي كتابه من دبي، يعتبر انطلاقة نوعية في مسيرتها لتحقيق استراتيجيتها على المستوى الثقافي. ويسهم الحدث في دعم مكانة دبي مركزاً إقليمياً يستقطب نخبة من الرموز الثقافية في أنحاء العالم”.
هذا الكلام يردّده كل المسؤولين في دبي، مؤكدين طموحهم إلى أنّ تصبح المدينة المركز الإقليمي والعالمي الأهم بحلول عام 2011. لعلّ كويلو، بفكره التسويقي المتمكّن، مؤمن أيضاً بضرورة وقوفه مع الحكومة لتحقيق مبتغاها. ولعلّه بالغ كثيراً حين قال إنّ “دبي تمثّل وجهة ثقافية رائدة بدأت تشق طريقها بثبات نحو العالمية”. أو “... هناك التزام واضح وقوي لدى المدينة بالحفاظ على تراثها الغني والأصيل”. إنّه كلام يزيّن الحفاوة الكبيرة التي عبّرت عنها المدينة باستضافة كاتب نُشرت أعماله في أكثر من 150 دولة، وتُرجمت إلى 63 لغة. الإعلانات التي طالعتنا في صحف الإمارة، ركّزت كلّها على “استقطاب دبي لباولو كويلو”. إنّه شيء من التسويق الذي تحترفه المدينة، ولا يبدو أنّه يزعج صاحب “على نهر بييدرا جلست وبكيت”.