القاهرة ــ الأخبار
لم يكن رحيل نوال أبو الفتوح بهدوء أول من أمس أمراً يدعو إلى الدهشة. الرحيل الصامت تحوّل تدريجاً إلى صفة ترتبط بالعشرات من أساتذة فنّ التمثيل في مصر، وخصوصاً من خاصمتهم النجومية لسبب أو لآخر. بين هؤلاء، برزت نوال أبو الفتوح ممثلةً يعرف الجمهور قيمتها جيداً. لكنها منذ البداية لم تكن من نجمات الصف الأول، على رغم جاذبيتها وجمالها اللذين ساعداها على تقديم كل الأدوار تقريباً. هل هي ملامحها الشقراء التي سجنتها في أدوار الفتاة التي تتلاعب بمشاعر أبطال السينما الجدد؟ أم هي الكوميديا التي فشلت في تحويلها الى سوبر ستار؟ ولدت أبو الفتوح فنّياً في «مصنع النجومية». إذ حوّل عبد المنعم مدبولي مسار حياتها من مدرّسة موسيقى الى ممثلة في مسرح التلفزيون، واسع الانتشار فى أول الستينيات.
واصلت مشوارها الفني مكتفية بالأدوار الثانية، والبداية كانت مع فيلم «عريس لأختي». وحتى عندما غابت لسنوات في السبعينيات بسبب الزواج والإنجاب، كانت عودتها سهلة. وظلّت شخصية «دولت» في «الشهد والدموع» علامة مسجلة في ذاكرة المشاهدين، بعدما تجاوزت فيها أبو الفتوح دور الفتاة خفيفة الظلّ أو المرأة الشريرة التي قدّمتهما كثيراً في أفلام الستينيات. ظلّت بعدها تبحث عن أدوار مماثلة، ولم تجد ضالتها سوى في الأعمال التاريخية مثل «الفرسان» و«الأبطال». لكنها لم تحقق مرة ثانية نجاح «الشهد والدموع».
على خشبة المسرح، قدمت أبو الفتوح العديد من المسرحيات بدءاً من «المفتش العام» عندما كان عمرها 17 سنة. حينها شاركت في مسابقة للمواهب أشرف عليها الفنان السيد بدير. لكن سوء الطالع رافقها إلى الخشبة، ولم يعلق في الذاكرة سوى مسرحية «الأستاذ مزيكا» مع سمير غانم، التي تعيد القنوات الفضائية عرضها كل فترة. أما في السينما، فقد شاركت أبو الفتوح في عشرات الأفلام، بينها «30 يوم في السجن» و«بائعة الجرائد» و«الشياطين الثلاثة». وقد غابت عن الساحة في السنوات الخمس الماضية من دون أن يعرف الكثيرون أن سرطان العظام هو السبب. وعلى رغم تدهور صحتها في الأشهر الأخيرة، رفضت المساعدة إلا من قبل الجهات الرسمية... رحلت أبو الفتوح عن 67 سنة بعد معاناة طويلة مع المرض. ولم تستطع معرفة من سيدفع تكاليف العلاج... النقابة؟ أم الدولة؟ وخصوصاً أن القدر كان أسرع من الجهات الرسمية التي أصدرت أخيراً قراراً بتحمّل تكاليف العلاج. وقبل أشهر، اعتذرت أبو الفتوح عن قبول تبرّع عادل إمام بإيراد يوم من مسرحيته للمساهمة في تكاليف العلاج... صورة المرأة المنكسرة لم تستهوها يوماً.