بيار أبي صعب
الذين بحثوا عنك في جناح «دار الساقي» بعد ظهر الأمس، ربّما استغربوا أنك لم تظهري في افتتاح «معرض الكتاب». أنت لا تحبّين المناسبات الرسميّة إجمالاً، وتفضلين عليها الهامش. الهامش رحم الإبداعات المغايرة. والهامش هو المكان الذي يمكن فيه المرء أن يجاهر بفرديّته المطلقة، ويستمتع بالحياة. لكنّك قادرة طبعاً على التوفيق بين الطابع الرسمي للمناسبة، وبين طبع يضيق بالرسميّات... إنّها سمة لا تخطئ من سمات «ما بعد الحداثة».
لو كان بوسعك لحضرت إلى الموعد كالعادة، وللفَتنا على الأرجح مظهرك الذي طالما كان جزءاً من الـ«برفورمانس»... لتفقدتِ رفوف الجناح بنظرة المحترف، ووضعت لمساتك الأخيرة، ثم انصرفت الى استقبال الزائرين والعابرين. أليست هذه الغاية الأولى من أي معرض كتاب؟ أن يلتقي الكاتب قرّاءه. وأنت كاتبة من نوع خاص في لغة الضاد. وأن يلتقي الناشر قرّاءه، يسمع ملاحظاتهم واقتراحاتهم... وأنت أيضاً ناشرة من نوع خاص. لكنّك لست هنا الآن. لا أعرف شخصياً أين يمكن أن تكوني. علينا أن نقبل بالأمر الواقع، أن نتعلّم كيف نعيش معك بطريقة أخرى.
تحضرني لوحة لمحمّد الروّاس في بيتك في لندن. أحاول الآن أن أتذكّر تفاصيلها. من هو الرجل المسجّى؟ ولماذا تقفين هكذا قرب أندريه؟ «واقعيّة» اللوحة تدهشني كلّما نظرت إليها، وأستغربُ كم تشبهين نفسك فيها. فكرت أكثر من مرّة في أن أسألك متى رسمت... وفي أيّة ظروف؟ ربّما كان حازم يعرف، سأرى. هكذا أستحضرُك، كما في هذا الطقس الغريب على جدار غرفة الجلوس المتاخم للباب. في لندن.
عند السابعة والنصف من مساء اليوم ـــ الجمعة 13 نيسان ـــ سنكون في مركز البيال، لحضور حفلة التكريم التي تقام على شرفك في قاعة المحاضرات. هذا الموعد يصعب أن نتخلّف عنه. ومن يدري ربّما التقيناك هنا، كما كان ذلك ليحدث في الأحوال العاديّة.