strong>رنا حايك، نادر فوز
تحتضن بيروت حالياً معرضين للصور. الأوّل للإسباني دافيد خافيير في معهد ثرفانتس (وسط بيروت). والثاني لرياض طرابلسي في الجامعة الأميركية، مبنى «ويست هول».
في معرضه «نظرة أخرى» يستعرض دافيد خافيير المقيم في بيروت، وسط المدينة «على طريقته». فـ«لكل شخص مدينته» كما يقول، وهو يقترح هنا مقاربةً مختلفة لقلب المدينة الذي تخيّله مفعماً بالحياة ففوجئ به يفتقر إليها رغم صخبه.
بدأت القصّة حين زار دافيد لبنان عام 1997، ليستقرّ فيه عام 2002 إذ جذبته صور الأسواق العتيقة قبل الحرب الأهلية، وحكايات عن شعب لا يغلق أبوابه بل يشتبك ويتفاعل مع الحياة. لكنّ الواقع لم يتطابق مع تخيلاته عن وسط بيروت. يقول «كان الوسط مخيّباً، حتى في عزّ تألقه» أي قبل أن تشلّه المظاهرات المتتالية منذ عام 2005. ويضيف: «يفتقر إلى نبض الحياة الحقيقي، كأنه مقنّع. روحه حيادية لم يمسّها جنون الحياة»، على عكس كورنيش المنارة الذي يراه أكثر عفوية، وخصوصاً في الصيف حين يعيش الناس فيه لحظات تلقائية وهم على تماسّ مع الطبيعة.
يعترف دافيد بأنّ هذه المعادلة استفزّت عدسته فمثّلت مادة معرضه الحالي. صوره تعبّر عن «مدينته الداخلية» أي وسط بيروت كما يراه هو. هكذا، تطالعنا صور الشارع المؤدي إلى ساحة البرلمان. لكنّ الشارع بعدسة دافيد يبدو ضبابياً فيما الساعة واضحة في الوسط، شامخة تحتسب زمناً لا يتحرك. ثم نرى ثلاث حمامات تحتل الرصيف المهجور وواجهات الزجاج في البناية الفخمة تعكس صورة شجرة خضراء هي الدليل الوحيد على الحياة.
أما رياض طرابلسي (1982) الذي جال بين روما ونيويورك وباريس وبيروت، حاملاً آلة تصويره لالتقاط «هنيهات هاربة» من أشخاص مجهولين، فجمع هذه الصور في معرضه «هنيهات هاربة» الذي يقام في الجامعة الأميركية.
وعلى رغم امتهانه الهندسة الزراعية، اكتشف طرابلسي، منذ طفولته، هواية تصوير الوجوه والأشخاص. ففي قريته مشغرة، أحبّ تصوير المّارة والعمال وتحركات الناس، مبتعداً عن تصوير الطبيعة التي يعتبرها «موجودةً لكن ينبغي الإبداع عند تصويرها كما فعل آدامز». وأفاد طرابلسي من فترة عمله في إيطاليا لدى منظمة الأغذية والزراعة (FAO) التابعة للأمم المتحدة، ليمارس هوايته في ساحة «بيازا نافونا» التي هي مسرح للعروض المتواصلة، ويستغلّ «صدف اللحظات الجميلة» لتسجيلها في أشرطته.
يقرّ طرابلسي بأنّ الحظ حالفه في العمل في الأمم المتحدة للابتعاد عن الحرب الأهلية، لأنّ بقاءه في بيروت في تلك الفترة كان ليقضي على حبّه للتصوير العفوي في الشارع. إذ يرى أنّ تصوير «جثث وأشخاص مصابين أمر غير إنساني». فيما ينبغي تصوير اللحظات الجميلة قبل أن يمحوها الوقت. فـ«لا شيء أجمل من تصوير الناس بتحركاتهم العفوية».
كتابه «Fleeting Moments» أو «لحظات عابرة» الذي صدر عام 2005، يظهر قبلات يتبادلها عشّاق، شيوخاً يتشمّسون وأطفالاً يلهون. كل هذه الصور التقطها طرابلسي بالأبيض والأسود. فـ«الصورة الفنيّة لا يمكن أن تكون إلا بالأبيض والأسود»، معتقداً أنّ الألوان تصرف الانتباه عن عمق الصورة وجمالها؛ ثم يكمل هجومه على الصور الملوّنة: «لا يمكن أن أتخيّل صورة ملّونة ذات قيمة».

  • معرض «نظرة أخرى» لدافيد خافيير في «معهد ثرفانتس» حتى 27 نيسان (أبريل). 01،970253

  • «هنيهات هاربة» لرياض طرابلسي في مبنى «ويست هول» الجامعة الأميركية، حتى 18 نيسان. 01،350000