القاهرة ـــ فرح داغر
غاب أمس حسن أبو السعود عن عمر ناهز 58 عاماً. صورته الأخيرة: نقيب الموسيقيين... بجسده الضخم ومعاركه التي لا تنتهي. لكن هذا المشهد لم يستطع أن يلغي صوره الزاهية الأخرى: موسيقار لا يخاف الموسيقى الشعبية، ويعزف بآلة الأكورديون وراء نجم السبعينيات... ملك البوب أحمد عدوية.
أبصر حسن أبو السعود النور في منزل يضمّ ثمانية إخوة في حي عابدين وسط القاهرة. احترف الموسيقى في الأفراح الشعبية، ودرس في كلية التجارة بجامعة بني غازي. عقب حصوله على البكالوريوس، التحق بفرقة محمد ماضي. بعدها، وضع موسيقى مسرحية «كل واحد وله عفريت» لثلاثي أضواء المسرح (جورج سيدهم والضيف أحمد وسمير غانم). ثم لحّن أغنية مسلسل «الحب الضائع» لسميرة أحمد، وكتب كلماتها شريف المنياوي وغناها محمد الحلو.
في السينما، بدأ أبو السعود مشواره مع المنتج والمخرج سيد طنطاوي. وأعدّ الموسيقى التصويرية لفيلم «خدعتني امرأة» الذي فجّر مفاجأة عندما عرض لمدة 40 أسبوعاً. وفي عام 1982، وضع موسيقى فيلم «العار»، ونال عنه جائزة أفضل موسيقى تصويرية. منذ ذلك الوقت وحتى وفاته، قدم أبو السعود موسيقى 28 فيلماً ومسلسلاً. لكن أهم تجربة في حياته تمثّلت في انضمامه إلى فرقة أحمد عدوية. وهو لطالما أكّد أنه احترف العزف على الأكورديون عبر هذه الحفلات. إذ كان يتنقل خلف عدوية في أهم مسارح مصر والعالم.
تولّى أبو السعود منصب نقيب الموسيقيين المصريين على مدار دورتين متتاليتين، بدأت الثانية في آذار (مارس) 2006 الماضي بعد منافسة حامية مع الملحّن حلمي أمين الذي طعن في النتيجة قضائياً، لكنّ المحكمة رفضت الدعوى. وكان للراحل أثر كبير في تحسين أداء نقابة الموسيقيين، إذ رفع أجور الاعضاء أكثر من مرة. وعمل أيضاً على إيجاد مصادر دخل مختلفة عبر تحصيل كل مستحقات النقابة من الحفلات الجماهيرية. وكان آخرها حفلة شاكيرا في مصر التي أثارت لغطاً كبيراً بسبب حصة النقابة من قيمة العقد.
خاض أبو السعود معارك عدة، بدأها بخلافه مع الموسيقار عمر خيرت في منتصف التسعينيات. يومها، اتهم خيرت الموسيقيين المصريين بالدوران في حلقة موسيقية مفرغة تعتمد على إيقاعات وألحان ثابتة من دون الالتفاف للهارموني. وهو ما استثمره أبو السعود في الترويج لحملته الانتخابية، وظل يدافع عن الموسيقيين المصريين 6 أشهر عبر حملة في الصحف والمجلات. وعقب نجاحه بشهر واحد، بدأ أبو السعود في الإعداد لما يسمى «مواجهة السرقات الموسيقية». وقال وقتها إن بعض الملحنين يجلسون أمام الفضائيات الأوروبية لاختيار الأغنيات الأكثر نجاحاً ثم يضعون لها كلمات تافهة. هناك أيضاً أزمته الشهيرة مع روبي. إذ وقع على ورقة انتسابها إلى النقابة بصفتها عضواً عاملاً بعدما دفعت مبلغ 50 ألف جنيه تبرعاً لصندوق المعاشات. الأمر الذي أثار الكثير من السخط حول إمكان اعتماد أي مغنية تدفع المقابل. وكان له دور أساسي في عودة المياه إلى مجاريها بين نصر محروس وشيرين، بعدما أصدر النقيب سابقاً قراراً بمنعها من الغناء. وتعاون أيضاً مع مغنين كثر بينهم محمد منير وإيهاب توفيق ونانسي عجرم.
شيع جثمانه أمس، ويقام العزاء اليوم في مسجد الشرطة في مدينة نصر. وقد أرجع أطباء وفاته المفاجئة إلى معاناته طيلة حياته من السمنة المفرطة، وإصابته بأمراض عدة منها القلب وضغط الدم والسكري. وقد أعلنت نقابة الموسيقيين رسمياً عن قيام الملحن حسن شرارة، الوكيل الأول للنقابة، بأعمال النقيب نيابة عنه حتى موعد إجراء انتخابات جديدة في الرابع من كانون الأول (ديسمبر) المقبل.