strong>القاهرة ـــ محمد خير
السينما اللبنانية «تغزو» هوليوود العرب؟

«بوسطة» فيليب عرقتنجي تحط رحالها في القاهرة، بعد النجاح التجاري الذي حققته أينما حلّت... وقريباً، تنطلق مغامرة أسد فولادكار في بلاد «السيما». مَنْ كان يتصوّر أن بوسع الأفلام اللبنانيّة أن تشقّ طريقها إلى الصالات المصريّة؟

أحاطت ملابسات ومعارك كثيرة بعمل المخرجة اللبنانية جوسلين صعب في القاهرة، لدى تصوير «دنيا» الذي عرّضها لاتهامات بتشويه سمعة مصر. لكن تلك الضجّة ـــ مثلما بات معلوماً ـــ لم تشرّع شباك التذاكر على مصراعيه للفيلم المذكور، وبقيت إيراداته متواضعة في دور العرض المصرية. وألقى ذلك بظلال من الشك حول امكان نجاح اللبنانيين في اقتحام حصن السينما العربية، ومصنعها المكرّس. وسارع كثيرون إلى استنتاج العبر من تجربة جوسلين، لكونها ستبقى محاولة يتيمة للتسلل السينمائي اللبناني إلى ربوع القاهرة. لكن الأنباء الواردة من القاهرة تشير إلى أن الأمر مختلف تماماً.
على الرغم من أنّ المخرج اللبناني أسد فولادكار لم يعمل حتى الآن سوى في المسلسل المصري ـــ اللبناني «راجل وست ستات»، وهو كوميديا بصيغة الـ «سيت كوم»، فإنّ الجميع يعرفون أنّ اقتحام فولادكار السينما المصرية هو مسألة وقت. وكانت قد ترددت شائعة تقضي بامتناع نقابة السينمائيين المصريين عن منح فولادكار تصريحاً للعمل في مصر. وهي الشائعة التي أثارت غضب فنانين لبنانيين لوّحوا بالمعاملة بالمثل وإلغاء اتفاقية التبادل الفني بين نقابة المهن السينمائية المصرية ونقابة الفنانين اللبنانيين. الا أنّ الشائعة تبخّرت بعدما استقبل ممدوح الليثي نقيب السينمائيين المصريين، صاحب «لما حكت مريم»، وأعلن عن منحه التصاريح اللازمة. وقبل أيام قليلة، تردّد أنّ شركة «مصر العالمية» (ليوسف شاهين وكابي وماريان خوري) تنوي التعاقد مع فولادكار لإخراج فيلم من إنتاجها. والمباشرة في التصوير رهن بانتهائه من تصوير مسلسله «راجل وست ستات» الذي يقوم ببطولته نجم الكوميديا أشرف عبد الباقي.
شركة «مصر العالمية» أيضاً هي التي اشترت حقوق توزيع فيلم المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي الذي سيكون مفاجأة للجمهور المصري، وتبدأ عروضه المصريّة مطلع أيار (مايو) المقبل. وعلى رغم الإيرادات الكبيرة التي حقّقها «البوسطة» في لبنان وأوروبا، فإن ذلك لم يشفع له لدى «العالمية للتوزيع» التي لم تجلب أكثر من ثلاث نسخ للعرض: اثنتان للقاهرة وثالثة للإسكندرية، في دور عرض مملوكة ليوسف شاهين. والأغلب أنّ الشركة تحاول تفادي الصدمة التي تعرضت لها «الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائي» إذ وزّعت من فيلم «دنيا» العام الماضي 17 نسخة، فكانت خسارتها كبيرة لأنّ ايرادات الفيلم لم تبلغ 170 ألف دولار.
دخول اللبنانيين إلى مصر من خلال الاخراج السينمائي أو عرض الأفلام اللبنانية، هو استكمال، يعدّه بعضهم طبيعياً، لمسيرة بدأتها نجمات لبنانيات عملن في السينما المصرية خلال السنوات القليلة الماضية. هكذا بدأ التعاون الفني المصري اللبناني في اتجاه واحد: من لبنان إلى مصر، قبل أن يطالعنا محمد السبكي أحد أشهر المنتجين المصريين بمفاجأة مدوية قبل أشهر قليلة: المنتج الذي اكتشف اللمبي وسعد الصغير، إذ أعلن أنّه حصل على توقيع هيفا وهبي لبطولة فيلم سينمائي. ما هي قصة الفيلم؟ من سيشاركها البطولة؟ من هو المخرج؟ كل ذلك لا يهمّ، ولم يتم تحديده بعد. المهم هيفا وبس! وتقول الشائعات إنّ هيفا ستتقاضى مبلغاً يصل إلى نصف مليون دولار. في كل الحالات، سيكون مرتّبها أعلى من المعدّل الذي تحصل عليه نجمات السينما المصرية، من منى زكي إلى حنان ترك، ومن منة شلبي إلى ياسمين عبد العزيز.
مع ذلك، لا تكمن مشكلة السبكي مع هيفا في العثور على مخرج أو كاتب، بل في العثور على نجوم يقبلون مشاركتها الفيلم. لم يقبل أحد حتى اللحظة أن يظهر على الشاشة الفضية «سنّيداً» لهيفا التي تقدم دورها الأول. ويقارن بعضهم بين تجربة السبكي مع هيفا وتجربة فيلم «7 ورقات كوتشينة» الذي أخرجه شريف صبري لروبي حين كانت في ذروة «نجوميتها». مع ذلك، حقّق الفيلم فشلاً ذريعاً، إلا أنّ السبكي يراهن على أن هيفا «حاجة تانية» وأنه في أسوأ الظروف سيعوض تكلفة الفيلم في دور العرض، قبل بيعه إلى الفضائيات التي ستتخاطفه بالتأكيد.
يتضح أكثر مدى «التوغل» اللبناني في السوق السينمائية المصرية، عند الأخذ في الحساب أنّ كل ما سبق ذكره يتعلق بمشاريع حديثة أو مستقبلية يدور حولها الجدل. بينما هناك لبنانيات أخريات حقّقن في مصر نجاحاً واستقراراً لا جدال فيه. إلى درجة أنّ اللبنانية نور شاركت في بطولة خمسة أفلام في أقل من عام، منها فيلمان تنافسا على إيرادات عيد الأضحى هما «الرهينة» و«مطب صناعي». وعلى رغم أنّ نور تعرّضت لانتقادات بسبب قبولها بأدوار البطلة الجميلة غير المؤثرة في الأحداث، فإنّها أدوار رئيسة حققت من خلالها رقماً لم تحقّقه أي ممثلة مصرية في عام واحد منذ «تحجّب» حنان ترك. وقد حصلت نور أخيراً على بطولتها الأولى أمام خالد أبو النجا في فيلم «كشف حساب» الذي يعرض حالياً في دور العرض. ومع أنها ـــ نظرياً ـــ تقاسمت بطولة أفلام أمام محمد سعد وأحمد حلمي، فإن «كشف حساب» هو بطولتها الحقيقية الأولى، لأنّه أمام ممثل يغيب عن الشاشة في 90 في المئة من مشاهد فيلمه.
أما نيكول سابا فبلغ اندماجها في مصر درجة تقديم دور راقصة فنون شعبية في فيلمها «قصة الحي الشعبي» الذي رشحت له بعد نجاحها في «ثمن دستة أشرار» أمام ياسمين عبد العزيز ومحمد رجب. لقد مهد عادل الطريق جيداً أمام نيكول، إذ اختارها لتشاركه أول أفلامها في مصر «التجربة الدنماركية». إلا أن نيكول بذلت جهداً أضافته إلى ملامحها الشقراء وموهبتها المحدودة لتحقق نجاحاً لا بأس به. حتى إنها اختيرت لبطولة فيلم الأكشن «عمليات خاصة» الذي يبدأ تصويره قريباً. وعلى رغم أنّ السيناريو لم يكن يتضمن أدواراً نسائية، فإن تعديلاً طرأ على الورق، ستدرب بمقتضاه نيكول خالد سليم على العمل البوليسي!