ليال حداد
تبدو زينة بطحيش محتارة إلى أقصى حد، فاختيار زفة عرسها أصعب مما كانت تتخيل. لا تريد زفة أجنبية، ولم تعجبها التنويعات الموسيقية العربية التي عرضت عليها.
إلا أن الزفة ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه زينة في التحضير لعرسها. فالخوف من عدوان إسرائيلي جديد أو من حرب أهلية في الصيف هو الهم الأكبر، وبالتالي فإن عملية دفع أتعاب الشركة المنظمة للعرس يشكل معضلة بالنسبة إليها. « لاأعرف إذا كان علينا دفع تكاليف التحضير للحفلة سلفاً، أم علينا الانتظار حتى انتهاء العرس، شقيقي الذي تزوج في الصيف الماضي دفع كل تكاليف العرس قبل الموعد بأشهر، إلّا أن العدوان أجبره على الاكتفاء بالمراسم الدينية ولم يُقم السهرة التي دفع تكاليفها وأعادت له الشركة المنظمة نصف المبلغ».
زينة لا تشكل استثناء، الشبان والشابات الذين ينوون الزواج خلال الصيف قلقون بشأن الأموال التي سيدفعونها، والكل يتحدث عن حرب «محتملة»، ويقولون إنهم يدفعون تكاليف الحفلة من أموال يدخرونها منذ سنوات.
مئات الأوراق والمجلات والصور تملأ مكتب ساندرا أسود التي تبدو مشغولة جداً بترتيب الملفات الموضوعة أمامها. هي مديرة أحد فروع شركة «بالأفراح» ولا تجيب عادة عن الأسئلة المتعلقة بعملية الدفع، لكنها ترفض دعوات الزبائن إلى تسلم المدفوعات بعد إتمام مراسم الزفاف، فيحمر وجهها غضباً وتوضح بلهجة حاسمة: «نحن نرفض أن نتعامل مع الزبائن من دون وضوح كامل من الناحية المادية. شركتنا تقبض المبلغ كاملاً فور انتهاء كل التحضيرات للعرس، وعند موافقة العروسين على كل الترتيبات المتعلقة بزواجهما». تسخر مما يتردد عن حرب جديدة. تهمُّ لتحليل الوضع السياسي في البلاد، ثم تعود وتنتبه إلى أنها خرجت «عن الموضوع» فتوضح قائلة: «العام الماضي قمنا بإعادة الأموال كاملة إلى أصحابها، ووقعنا تحت خسارة، إذ دفعنا من مالنا الخاص للمطاعم والنوادي عربون الحجوزات».
سامر فياض لن يؤجل عرسه، لكنه يريد تأجيل عملية الدفع، في مكتبة الشركة كان يسأل: «أنا لا أتفهم ما الذي ستخسره الشركة لو أجلت تحصيل المبلغ أو قسم منه إلى ما بعد العرس ؟». يجر سؤال سامر نوعاً من النقاش العالي الوتيرة بينه وبين ساندرا وينتهي باقتناع سامر بشروط الشركة.
النقاش في «مصداقية» الشركة لا يهم كل المعنيين بتحضير حفلات الزفاف، بعضهم يبدي تفهماً لقلق ومتطلبات الزبائن، ويحرص على إرضائهم. ومن هؤلاء مايكل قهوجي الذي قال: «أقبل تسلم بدل الأتعاب بعد حفلة الزفاف، فشركتي ما زالت جديدة، وأنا في حاجة إلى الترويج لها لتحقق شهرتها في السوق اللبنانية، وعرفت كيف أكسب زبائن كثراً».
يبدو واضحاً أن زبائن قهوجي راضون عن إجراءات شركته، ما داموا لن يدفعوا مليماً واحداً إن لم تتم الحفلة، كما هي حال مريم حايك التي تنفرج أساريرها ما أن تتأكد من أن لا خوف على المال الذي ستدفعه، «فإذا وقعت حرب فلن أضطر إلى ملاحقة الشركة لأسترد المال الذي دفعته».