سعد هادي
يفترض مؤلّفا رواية «العاصفة المعدنية» (دار نينوى ــــ ترجمة محمد مولود فقي) قيام الولايات المتحدة بغزو تركيا في 23 أيار (مايو) المقبل. الحرب ستبدأ من كركوك (شمال العراق)، ولا يوضح اوركون أوشار وبراق تورنا ما الذي جاء بالجيش التركي الى هذه المدينة النفطية التي تمثّل محور الخلافات بين الأكراد وباقي مكوّنات الشعب العراقي. وعدا إشارات مقتضبة، لا يشير المؤلفان الى ردود أفعال العراقيين حيال ما يجري على أرضهم. ما يسعيان إلى تأكيده هو مجريات الحرب فقط.
أمّا لماذا قامت هذه الحرب المفترضة بين حليفين تقليديين؟ فيفترض المؤلفان أنّ الولايات المتحدة تريد الاستيلاء على مناجم معادن (بعضها متخيّل) هي البور والتوريوم واليورانيوم التي تمثّل المصدر الأساسي للطاقة في المستقبل بعد نضوب البترول. وتركيا من هذه الزاوية مهمّة لأنّها منبع للقوة الجديدة.
«ما تريده أميركا هو الأرض» يردّد ادريان الثالث وهو إحدى شخصيات الرواية، بل من أبرز المخطّطين للحرب الذي أقسم إنّه سيشيّد كنيسة كبرى في اسطنبول. فبعد أن يستولي الأميركيون على تركيا، سيجزئونها ويرافق ذلك توزيع الحضور البروتستانتي في العالم. ويرى المؤلفان أنّ هذا الأمر بدأ مع تشكّل الولايات المتحدة، حيث تأسست لذلك جمعية سرية كانت أرمينيا القاعدة الأساسية لها. وفي اجتماع سري في الفاتيكان، تقرر إرجاع الأناضول، وتخليصها من أيدي الأتراك البربر والسعي إلى إقامة بيزنطيا الجديدة.
تستمر الحرب بالتصاعد تدريجاً في الرواية. لكن هذا لن يخيف الأتراك. اذ يحمل أحد أفراد تنظيم سري سابق قنبلتين نوويتين في حقيبة ويتسلل الى أميركا. وبعد أن يخوض سلسلة من المغامرات، يفجّر قنبلة في واشنطن، فتختفي المدينة. في السابع من حزيران (يونيو) تنتهي الحرب بعد أن يتدخل الرئيس الروسي بوتين، فتشرق الشمس على بلاد الأناضول مهد الحضارات كما يصفها المؤلفان وهي تلملم جراحها دون أن تستسلم. في الرواية ترد أسماء السياسيين كما هي في الواقع ويتخيل المؤلفان أنّ بوش سيستقيل بعد فشل العاصفة المعدنية ليحلّ مكانه دونالد رامسفيلد. لماذا؟ لأن ديك تشيني يكون قد قُتل مع أعضاء الحكومة والكونغرس في انفجار القنبلة في واشنطن. أما فرنسا فيحكمها نيكولا ساركوزي.
«العاصفة المعدنية» تجمع بين الفانتازيا وتنبؤات الخيال العلمي، إضافة الى تحليل اتجاهات القوى المتصارعة من خلال معطيات الراهن والعودة إلى جذور المشاكل التاريخية القابلة للانفجار في أي لحظة. وما يعطي النص قيمة هو أنّنا نستطيع تحويل اتجاه الحرب المفترضة الى إيران بدلاً من تركيا، لم لا؟ وثمة وقائع راهنة تتيح لنا ذلك. ربما كانت تلك هي الرسالة الخفية التي حاول المؤلفان إيصالها. بل لعلّها رسالة ظاهرة وسط رسائل أخرى تشير الى أنّنا نعيش في عصر القوة المجنونة التي تبحث دائماً عن أعداء.