باسم الحكيم
على رغم مرور أكثر من عامين على الانتهاء من تصويره، لم يصل فيلم «المشهد الأخير» للمخرج والممثل غسّان أسطفان إلى جمهور الشاشة الكبيرة إلاّ اليوم. بعد تحديد موعد عرضه الأول نهاية شباط 2005، هزّت البلد حادثة اغتيال الرئيس الحريري، فعلّق مصير الفيلم تلقائيّاً. وبعد كل هذه المدّة، كان لا بدّ من اتخاذ القرار، فحدد يوم السابع من أيّار المقبل موعداً لبدء العروض الجماهيريّة، على أن يقدم في عرض خاص للصحافة اليوم في «سينما أبراج» في بيروت.
لا يجد المخرج غسان أسطفان مجازفة في عرضه اليوم، «على رغم الظروف الأمنية غير المستقرّة، لا يزال الجمهور متعطّشاً لمتابعة الأفلام اللبنانيّة ويشجّعها»، ودليله نجاح «البوسطة» و«غنوجة بيّا» و«فلافل». ويوضح أنّ «الفيلم يطرح موضوعات حياتيّة تواجهنا في يومياتنا، لكننا نتجاهل طرحها أو نتخوّف من طرحها، على رغم أهميتها». ويجمع في فيلمه عدداً من الممثلين، شاء أن يحتفظ معظمهم بأسمائهم الحقيقيّة: عمّار شلق (عمّار)، برناديب حديب (برنا)، وفا ملك (وفا)، غسّان أسطفان (غسّان)، جوزيف أبو دامس (كاتب الفيلم أيضاً، ويؤدي شخصية جو)، وفاء طربيه (أم عمّار)، خالد السيّد، بول سليمان، جان قسيس والطفلة سنتيا علم، إضافة إلى مشاركة مميّزة للممثلين الشابين ربيع بحرصافي وعماد فغالي.
يقطع أسطفان الطريق أمام من يتهمه بأنّه رشّح عمار شلق للبطولة، لاستثمار نجاحه في الدراما التلفزيونيّة، «أعرفه ممثلاً حقيقيّاً وعفويّاً منذ صوّرنا معاً فيلماً لمصلحة «نيو تي في» قبل سبع سنوات». ولا يربط إسناده البطولة النسائيّة إلى برناديت حديب بنجاحها قبل سنوات في فيلم «لما حكيت مريم»، بل «لأنني مقتنع بأنّها ممثلة أثبتت حضورها تلفزيونيّاً ومسرحيّاً وسينمائيّاً». تبدأ القصة عند عمار (اليتيم الأب، والمتعلّق بوالدته بشكل مرضي) الذي يعيش صراعاً بين الماضي والحاضر والمستقبل. بعدما درس الإخراج، يحلم بإنتاج «فيلم العمر»، ويواجه العراقيل التي تعوق تنفيذه. يجمعه القدر ببرنا التي تعمل معه، فيربط مصيرهما بقدرته على الانتهاء من الفيلم. وهذه الأخيرة عاشت معاناة طويلة، بعدما فشلت في الاستقرار في أي عمل، لكونها رفضت الرضوخ لتحرّشات رؤسائها، إلى أن تتعرف بعمّار. يذكّرك أسطفان طوال الوقت بأن فيلمه لا يتضمن مشهداً مثيراً، على رغم أن برنا تتعرض لمحاولة اغتصاب. ويشير إلى أن المنتجة والممثلة وفا ملك (حاصلة على شهادة دراسات عليا في المسرح من باريس، بعد دراستها المسرح في الجامعة اللبنانية)، تؤدي دوراً جوهرياً في الأحداث في أولى تجاربها السينمائيّة: تعود إلى لبنان بعد أكثر من عشر سنوات قضتها في الهجرة، لتواجه مع ابنتها (مجهولة الأب وصديقة برنا)، تهديدات ليليّة من شقيقها برهام (خالد السيد)، قبل أن تتعرّف بغسّان (غسّان أسطفان) الذي يتعاطف معها في محنتها. ويكشف أسطفان أن «الفيلم يسلط الضوء على موضوع الأم الوحيدة، وكيفيّة تربيتها لابنتها في مجتمع ذكوري، يقسو على مثيلاتها».
أخيراً، يفاخر المخرج غسان أسطفان أنه لم يعتمد «الفذلكات وعرض العضلات في فيلمه، فانصب اهتمامي بالدرجة الأولى على القيمة الفنيّة للنص وعلى أداء الممثلين». هكذا تبدو وظيفة الكاميرا عند أسطفان، الربط بين السيناريو من جهة وبين الممثل والمشاهد من جهة أخرى. ولا يدّعي أنّ فيلمه (مدته ساعة ونصف ساعة) سيكون قنبلة الموسم أو أن كلفته المالية تجاوزت كل التقديرات، «إذ لا تدعمه شركة إنتاج، بل مجهود فردي من قبل وفا ملك... كنت سخيّاً على الإنتاج بهدف تقديم عمل نظيف يتقبّله الجمهور، ولكن من دون تبذير». وللحدّ من سقف الإنتاج، «صوّر الفيلم بتقنيات الديجيتال لا بكاميرا 35 ملم».

بدءاً من 7 أيار في صالات «بلانيت»