strong> محمد شعير
في الوقت الذي كان فيه شيخ الأزهر سيد طنطاوي يجتمع بأعضاء مجمع البحوث الإسلامية لتحريك دعوى قضائية ضد نوال السعداوي، كان مدير مكتبة الإسكندرية إسماعيل سراج الدين منهمكاً في افتتاح الدورة الرابعة من مؤتمر الإصلاح العربي بعنوان “حقوق الإنسان والمرأة والتنمية”. كثيرون ممن حضروا اجتماع المجمع، خرجوا للحاق بأول قطار متجه إلى الإسكندرية للحديث عن الإصلاح. ليس في الأمر تناقض، لأن الحديث عن موائد الإصلاح يختلف تماماً عن حديث الحجرات المغلقة!
الأغرب أنّ كلّ شيوخ المجمع الذين تحدثنا إليهم، قالوا إنهم لم يحضروا الاجتماع الذي عقد لإدانة السعداوي.
الدكتور عبد المعطي بيومي أحد أعضاء المجمع والمعروف بعلاقاته القوية مع المثقفين، قال إنه لا يعرف شيئاً عن اجتماع المجمع الذي جرى مساء الثلاثاء الماضي. بل إنّه حتى يشك في أنّ اجتماعاً أقيم لإدانة السعداوي. المدهش أنّ أحد أعضاء المجمع رفض ذكر اسمه أبدى دهشته من كلام بيومي، مؤكداً أن هذا الأخير حضر الاجتماع وصدّق على ما جاء فيه. إلا أنّ تعليمات من شيخ الأزهر صدرت لكل الأعضاء بعدم الحديث عما جرى.
منى حلمي، ابنة السعداوي أحالتنا على ما كتبته في صحيفة “مصر اليوم”: “ذهبنا إلى وكيل النيابة لأخذ أقوالنا في قضية أخرى رفعها ضدنا محام اسمه نبيه الوحش. أمي متّهمة بازدراء الأديان، وأنا بإنكار المعلوم من الدين لمطالبتي بإضافة اسم الأم الى اسم الأطفال. تم التحقيق معنا وسمعنا اتهامات ضدنا كأننا مجرمون أو حرامية. وطالب المحامي بفرض أقصى عقوبة علينا، لنكون عظة لغيرنا”.
وتساءلت منى: “ما معنى أن تتم “جرجرتي” أنا وأمي إلى النيابة، للتحقيق في اتهامات دينية، ونحن كاتبتان؟ بالنسبة إلى والدتي، فالسبب ليس الكتب أو الاجتهادات العقلية، لكن لأنّها مستقلة وليست في بطانة أي نظام سياسي أو حزب سياسي، وتنتقد بشجاعة الحكم السياسي في كل عصر”.
وأضافت: “إذا كانت أمي تفضل الآن أن تترك مصر، فهذا ليس هروباً، بل قرفاً من المناخ الذي يعاملها مثل المجرمين”.
الغريب أنّ المثقفين بكل أطيافهم التزموا الصمت... لكن ناقداً أكاديمياً معروفاً (رفض ذكر اسمه) برر عدم “تورطه” في الدفاع عن السعداوي بأنها تسعى دوماً إلى تحويل المعارك المثارة حولها، من معارك موضوعية ذات قضايا وطنية وثقافية عامة، إلى معارك ذاتية تتعلق بشخصها. فـ “هي تحب أن تتحدث عن نفسها، ويتحدث عنها الآخرون كرائدة ومبدعة متفردة سابقة لعصرها”.
ما تتعرض له صاحبة “سقوط الإمام” ليس جديداً عليها، فمنذ سنوات قليلة، قررت الهجرة الموقتة إلى أميركا، حيث قوبلت باحتفاء أثار حفيظة المتربصين بها. ثم عادت إلى مصر وسوِّيت القضية المرفوعة ضدها من خلال التعديلات التي كانت قد أُجريت على قانون الحسبة الذي منح الدولة فرصة للتحكّم في مثل هذه القضايا التي تمسّ صورة المجتمع في الخارج. فهل سيحدث معها ما حدث منذ ثلاثة أعوام... أم أنّ الدولة الدينية هي التي تحكم مصر الآن؟