القاهرة ــ محمد شعير
وحدها هيئة الكتاب المصرية تمتلك القدرة على جمع هؤلاء الكتاب في سلسلة واحدة: الحاصلين على جائزة نوبل والحاصلين على جائزة سوزان مبارك في أدب الأطفال! السلسلة الجديدة تحمل اسم “الجوائز” وتتضمّن مثلاً أعمال التركي أورهان باموق والنمساوية إلفريده يلينك، والأفريقي جي إم كويتزي، أي الحاصلين على نوبل إلى جانب الكاتبة السعودية ملحة عبد الله الحاصلة على جائزة “أبها”، وعفيفي مطر (جائزة العويس) خيري شلبي (جائزة الدولة التشجيعية) وأنيس منصور ( جائزة مبارك) وآخرين!
هكذا اجتمع عدد من الكتّاب العالميين إلى جوار كتّاب ليس في رصيد عدد منهم أي إنجاز أدبي حقيقي. ما يجمع فقط بين أصحاب هذه الأعمال هو أنّهم حصلوا على جوائز، وإن كان رئيس “هيئة الكتاب المصرية” الدكتور ناصر الأنصاري قد استهلّ السلسلة بمقدمة أوضح فيها أنّ هدفها استيعاب أبرز ملامح المشهد الإبداعي عربياً وعالمياً، وتقديم أعمال تتميز بالخصوصية والجودة. ولكن هل تحققت أحلامه؟
لا يبدو أنّ المشكلة الوحيدة في السلسلة هي جمع المستحيلات، بل إن الأعمال الصادرة فيها تعرّضت للكثير من التشويه. مثلاً، تمّت ترجمة رواية “القلعة البيضاء” لأورهان باموق عن الإنكليزية لا عن التركية، ما أغضبه كثيراً. وانتقد الهيئة بشدة، قائلاً: “تتحدثون عن التواصل الحضاري والإرث الثقافي المشترك وتترجمون أعمالي عن لغة وسيطة”. الهيئة نفسها لم تجد ما تردّ به على باموق سوى أنّها سلكت طريقاً قانونياً وحصلت على حقوق ترجمة ثلاثة من أعماله من ناشره الإنكليزي. أما إلفريده يلينك صاحبة نوبل 2004 فكان حظها أسوأ. إذ ترجمت روايتها “العاشقات” التي وصفها مترجمها الدكتور مصطفى ماهر بأنّها “رواية محيرة ومستفزة”.
هذا الاستفزاز لا يبدو أنّه أصاب القراء فقط، بل أصاب المترجم والناشر. إذ نقع على عشرات السطور والكلمات المحذوفة من الترجمة، مع إشارات المترجم في الهامش “الكلمة في الأصل كلمة مبتذلة”، ولا تكاد صفحة تخلو من هذه الإشارة. الغريب أنّ الهيئة هي التي كلّفت الدكتور ماهر بترجمة العمل، ولم يتطوّع هو ليستجيب لضغوطهم بالحذف والاختصار.
أما الروائي المصري خيري شلبي فصدر له في السلسلة “موال البيات والنوم”، وهي رواية لم تتعرض للحذف بل للإضافة. إذ يبدو أن من يقوم بأعمال الصف ذو توجه إسلامي، فأضاف بعد كل ذكر للنبي محمد جملة “صلى الله عليه وسلم”!.
الغريب أنّ الهيئة ترفض أن تقوم أي دور نشر عربية أخرى بترجمة الأعمال التي طالها التشويه، وتعهدت بمواجهة قضائية مع أي دار نشر عربية ستقدم على ترجمة كل الأعمال التي أعلنت أنها اشترت حقوق ترجمتها، ما يعني استمراراً في التشويه حتى إشعار آخر!