ما هي الخطوط الحمراء التي يجب أن يتوقف عندها الصحافي؟ لم يحصل الصحافيون عبر العالم، ولا سيما الاستقصائيون منهم، على إجابة عن هذا السؤال، على رغم وجود الكثير من “الشرائع” و“إعلانات الواجبات والحقوق” التي ترسم دور الصحافي، والحدود التي لا ينبغي له تجاوزها.وقد تكون “شرعة ميونيخ” التي خضعت لتعديلات عدّة منذ عام 1918 حتى عام 1971، أحد أقدم هذه النصوص. وهي تفرض على الصحافي، في ما يتعلّق بموضوعنا، عدم اللجوء إلى وسائل غير أخلاقية للحصول على المعلومات، الصور أو الوثائق، وعدم القيام بدور الشرطة. ولا تخرج “الشرائع” الخاصة بعدد كبير من المؤسسات الإعلامية الغربية عن هذا المضمون، من دون أن توقف يوماً النقاش عمّا يمكن الصحافي تجاوزه من أخلاقيات، في سبيل الحصول على معلومة تكشف للرأي العام حقيقة أمر مافي لبنان، لا سوابق تبحث في هذا الموضوع، ما دام النقد مرفوضاً بين الصحافيين الذين يبحثون غالباً عن خلفيات أخرى للنقد بعيدة عن المهنة، وما دام المواطنون لا يعرفون حقوقهم الإعلامية ليرفضوا ما يتعرضون له من استغلال. وإذا عدنا إلى القضاء اللبناني، فإننا نكتشف أن معظم القضايا التي لوحق فيها الإعلاميون كانت تتعلّق غالباً بنشر مقال يخضع لتهم القدح والذم، إثارة الفتنة أو تهديد أمن الدولة. أي إنها، في معظمها، تهمّ ويمكن وضعها في خانة “السياسة” لا المهنة.
لذلك كانت المرجعية التي لجأ إليها فراس في عمله هي إدارة مؤسسته. كان يستمع إلى ملاحظات مديرة الأخبار مريم البسّام، ومنها: “لا تمارس دور المحقّق العدلي، لا تتبنَّ رواية أحد، واعرض كل المعلومات التي توافرت لديك شرط عدم التسبب بأذية لأي كان”. والدليل، تقول البسّام «أن الاتصالات الهاتفية التي بثّت، كانت عبارة عن مقاطع ولم تمثّل حديثاً متواصلاً يفضح هوية صاحبه، ولم نستخدم إلا المعلومة التي تفيد التقرير».
أما في ما يتعلّق بالتسجيل لمحمد زهير الصدّيق وشقيقه، فترى البسّام أنه مقبول لأن «كلّو كان يسجل لكلّو: نحن نسجّل لهم وهم يسجّلون لنا.. والمخابرات تسجل للاثنين...». وتوضح: «أنا لا أبرر لفراس حتى لا تتحوّل طريقة عمله هذه إلى قاعدة. لكن، يمكن في حالات معينة وخاصة، كموضوع الصدّيق، تبرير بعض التصرفات من أجل إنقاذ التقرير وإعطائه صدقية”.
مهى...