مهى زراقط
مارسيل غانم: جواب دبلوماسي لم أفهم عليك شيئاً منه. “كسرتا وجبرتا” في الوقت نفسه. بأي حق...
جورج عدوان: هلق مش مطلوب أن تَفهم، المطلوب أن أعبّر عن رأيي.
مارسيل غانم: يعني أنا مش ضروري أفهم، أو حتى أن أناقشك؟
جورج عدوان: أوقات أنا أعبّر عن رأيي، ومش بالضرورة طاقاتك الفكرية تستوعب رأيي أستاذ مارسيل.
مارسيل غانم: طاقاتي الفكرية أقلّ، قصدك تقول؟
جورج عدوان: ما بعرف.
مارسيل غانم: ما بتعرف؟ على كل حال الجمهور هو من يحكم. المسألة لا تعود إلى شهادتك فقط.
جورج عدوان: طبعاً طبعاً...

***


دار الحوار أعلاه في حلقة تلفزيونية مباشرة على الهواء من برنامج “كلام الناس” في 1 آذار الجاري. سمعه “بعل 1974”، صاحب الاسم الافتراضي على الشبكة الإلكترونية، فسجّله وأعاد بثّه في 12 آذار على الموقع الإلكتروني الشهير YouTube. لكنّ صديقنا “بعل” خطرت له فكرة جهنّميّة، إذ أضاف إلى الحوار مقتطفات من الإعلان الذي تنفرد LBC ببثّه ضمن سلسلة إعلاناتها تحت عنوان “من وحي المحكمة الدولية”: “أنت أوعا تفكّر... أوعا تحكي... أوعا تسمع... أوعا تجرّب تفهم”. وختم: “مواطن لبناني بيفهم، وبيعرفكم”. زوّار الموقع من اللبنانيين نسخوا الرابط الذي يوصل إلى هذه الصفحة الإلكترونية، وأرسلوه forward إلى أصدقائهم، فيما قام آخرون بتحميل الفيلم بصيغة media player تسهيلاً للمشاهدة.
يستدعي هذا الخبر ملاحظتين إعلاميتين: تتعلّق الأولى بمضمون “النقاش” الذي دار بين السياسي والإعلامي، والثانية بوعي المشاهدين لما يتلقّونه من رسائل إعلامية.
أولاً، تكشف مداخلة النائب جورج عدوان جهلاً بالدور المطلوب من السياسي، عندما يحلّ ضيفاً على أي برنامج، فكيف بالبرنامج الذي يصنّف الأول في لبنان. “ليس مطلوباً منك أن تفهم، المطلوب أن أعبّر عن رأيي”... هكذا يفهم عدوان دور الإطلالة الإعلامية: مجرد “هايد بارك” للتعبير عن رأيه، ناسفاً كل نـظريات علم الاتصال السياسي الذي يشكّل منذ عقود مدماكاً أساسياً في بناء الشخصية السياسية، علماً أنّ هذه الملاحظة تبدو غريبة على عدوان، ضيف “نهاركم سعيد” الدائم، والنائب عن “القوات اللبنانية” التي كانت السبّاقة في لبـــــــــــنان إلى إنشاء محـــــــــطة تلفزيونية، وعياً منها لدور الإعلام في الترويج السياسي.
الملاحظة الثانية التي لا تقلّ أهمية، وهي أكثر إيجابية، تتعلّق بالوعي الذي يتمتع به عدد من اللبنانيين في تلقّيهم الرسالة الإعلامية ومنهم “بعل 74”. هو لم يكتف بتسجيل الحوار وإعادة بثّه، لاعباً دور المراقب الإعلامي، بل تخطّى ذلك إلى تفنيد الخطاب الإعلامي للمؤسسة، من خلال التذكير بالإعلان الذي تنفرد “إل بي سي” ببثّه عن “المواطن اللبناني الذي يفهم”. هذه الحساسية الإعلامية مميّزة، وقد تشكّل خطوة على طريق تأسيس مرصد لمراقبة الإعلام في لبنان، نحن في أمس الحاجة إليه للتوعية على “خطر” الرسائل الإعلامية.

http://www.youtube.com/watch?v=j-bTvjpPy88