خالد صاغيّة
«في ساعة متأخّرة من مساء أمس، وجدت جثّة امرأة في الشارع، في منطقة كركول الدروز في بيروت. قال شهود عيان إنّها سقطت من الطبقة السابعة للمبنى. تبيّن أنّها خادمة منزل وصلت من إثيوبيا قبل يومين. ورجّحت القوى الأمنية فرضية الانتحار». انتهى الخبر.
«عُثر، أمس، على محمد وجيه دغمان (33 سنة) جثة هامدة في شقة، في مبنى سنتر هبة في مار الياس. ورجّحت المعلومات أنّ دغمان انتحر ليل أوّل من أمس بإطلاق رصاصة من مسدّس في قلبه. دغمان صاحب مطعم فول في حيّ اللجا. متزوّج منذ سنة. وزوجته حامل في الشهر الرابع». انتهى الخبر.
ينتهي الخبر تماماً كما تنتهي الحياة. هكذا... فجأة. بضع لحظات تكفي للانتقال من الطبقة السابعة إلى الشارع، بضع لحظات يتبعها لا شيء. لن تضطرّ تلك المرأة الإثيوبية للتحايل على فقرها وجوعها بعد اليوم. لن تضطرّ لاحتمال نظرات الازدراء لجسمها الهزيل أو لونها المختلف. لن تنظر من نافذة أو شرفة وتستذكر بيتاً وأهلاً في بلاد بعيدة. في ساعة متأخّرة من مساء أمس، في منطقة كركول الدروز في بيروت، انتصرت القسوة، ثمّة من امتلك الشجاعة لإعلان ذلك. انتهى الخبر.
ينتهي الخبر تماماً كما تنتهي الحياة. هكذا... فجأة. لن يضطرّ محمد وجيه دغمان لانتظار الزبائن بعد اليوم. لن تهمّه إصلاحات باريس ـــ 3 وترّهاته. لن يسمع نشرات أخبار، ولن يرى الوجوه نفسها تلوك الكلام نفسه. انتهى الخبر.