في عام 2004، لفت عصام بو خالد الأنظار بـــــــمسرحيّة احتفاليّة صـــــاخبة ليس فيها كلمة حــــــوار واحــــــــدة... والـبطولة الأساســـــــيّة فيها لـ... كـاميرا الفيديو. في «مآآآرش» (معادلها العربي الأقرب «إلى الأمام سرْ») حاول المخرج الشاب أن يطرح إشكاليّة الحرب، أو كيفيّة تصويرها على المسرح. ممثلوه أرادهم دمى ميكانيكيّة متسلحة بمظلّات واقية من المطر، وآلات مــــــوسيقية! من خلالهم حاول أسلبة العنف في كوريغرافيا تعبيريّة، يلعب فيها الفيديو دوراً مفصليّاً. إذ يخلط بين المادة الوثائقيّة (احتلال العراق) والــــــروائي، ممثلوه في الصورة مع الجنود... كما أقحم بو خالد الجمهور في اللعبة، ومدّ له مــــــــرآة الفـــــيديو كي يرى نفسه على المسرح!كيف ننقل الحرب إلى الخشبة؟ بل كيف نصوّرها ونرويها، وكيف نعيشها من داخل؟ أي كيف نتلقّف رعبها ــ والقهر السلطوي الذي تقوم عليه ــ في أجسادنا وذواتنا الحميمة، بين حماسة وخوف، بين نشوة وألم، بين شجاعة وضعف؟...
بو خالد تلاحقه تيمة الحرب، كاللعنة، هو وجيله ــ جيل الحرب الأهليّة اللبنانيّة. منذ تجربته الأولى «تريو»، بدأ رصد العـــــنف وتطويعه، في سياق مشروع «أركيولوجي» تجلّى بوضوح في عمله اللاحق “أرخبيل”. ثم صوّر بو خالد في “مآآآرش” عبثيّة الحرب، في فرجة أقرب إلى “ترفيه مسرحي”، العنف حاضر فيه بجرعات كبيرة... من خلال محاولات متتالية لتطويعه جمالياً بغية التطهّر منه. ولـــــعل مشروعه يقوم على تشريح لعبة الحرب بــــــــأدوات مسرحيّة تميّز مشاغل جيله لبنانياً وعربياً.