القاهرة ـ محمد خير
  • لبنان مكرّماً والعراق هو الغائب الأكبر

    لماذا سحبت وزارة الثقافة دعمها لـ «مهرجان المسرح العربي» الذي بادرت إلى تنظيمه «جمعية هواة المسرح» في القاهرة، وشاركت فيه عشرات التجارب العربية، وفرق مسرح الهواة المصريّة؟ الدورة السادسة التي تُختتم غداً، اختارت الاحتفاء بلبنان، أما المسرح العراقي فانتظره الجمهور... من دون جدوى! المواجهة مستمرّة بين المؤسسة الرسمية والعمل المستقل

    هل تتوقف تصفية الحسابات يوماً ما بين وزير الثقافة المصري فاروق حسني و“منافسيه” من الفنّانين؟ هذا هو السؤال الذي يتجدّد لدى بدء كل فعالية ثقافية في مصر، وخصوصاً المسرحية منها، سواء كانت بتنظيم رسمي أو أهلي. الوزير الذي طالما انتُقد بوصفه “وزير مهرجانات”، ينفي عنه فوراً ذلك الهوس “المهرجاني” ما إن يجد أنّ الأضواء ستنصب على مؤسسة أهلية مستقلّة. من هنا، يمكن فهم الأسباب التي دفعت وزارة الثقافة الى سحب دعمها لمهرجان المسرح العربي في دورته السادسة التي تُختتم غداًالمهرجان الذي بدأ في التاسع من الشهر الجاري تنظّمه “جمعية هواة المسرح” بمشاركة 21 فرقة لمسرح الهواة في مصر و11 فرقة مسرحية تمثّل 11 دولة عربية. اعتادت وزارة الثقافة كلّ عام أن تخصّص أغلب دعمها للمهرجان “عينياً” وذلك من باب ذرّ الرماد في العيون. فكانت الهيئة العامة للكتاب تطبع النشرات اليومية وبرامج و“بروشور” العروض ومستلزمات الدعاية “الورقية”، بينما تلتزم الوزارة بدعم مالي محدود موجّه لاستضافة المشاركين. هذا الدعم المتواضع تراجعت عنه الوزارة بصورة مفاجئة في هذه الدورة التي يرأسها شرفياً الفنان محمد صبحي والتي تحمل شعار “المسرح العربي حفاظاً على الهوية” كلّ ذلك على خلفية محاربة فكرة العمل الفنّي المستقل. وهذا ما دفع عمرو دوارة مدير المهرجان إلى الإعلان بأنّ المهرجان “ليس ساحة لتصفية الحسابات” بعدما تدخّل نقيب الممثلين الدكتور أشرف زكي، ليضع “مسرح العرائس” الذي يديره تحت تصرّف المهرجان. إذ يستضيف “العرائس” مختلف فعاليات المهرجان، على أن يُعاد عرض المسرحيات المميزة على خشبة مسرح “ساقية الصاوي”.
    تحتفي الدورة السادسة للمهرجان بالمسرح اللبناني. إلا أنّ لبنان لم يشارك في أيّ مسرحية. حول هذا، يقول مدير المهرجان عمرو دوارة: “دعونا الفنانة اللبنانية نادين جمعة لتقديم عرضها “نساء سعد الله ونوس”، لكنّها صادفت بعض المشكلات التي حالت دون حضورها والمشاركة. لكن الندوة الرئيسية للمهرجان هذا العام هي بعنوان “المسرح اللبناني ومواجهة التحديات” نكرّم فيها المسرح اللبناني بوصفه يقدّم خطاباً مسرحياً يدعو الى المقاومة وتوحيد الصفوف ضدّ العـــــــدو. كما نكرّم الفنّان اللبناني الذي لم يتوقّف عن إجراء بروفات مسرحية حتى أثناء الغارات، وعلى أضواء الشــــــــموع، واخترنا ممثّلاً للفنّ الــــــــلبناني هذا العام الفنّان جان داود”.
    أمّا سوريا فتشارك بعرض “الرقصة الأخيرة” للمخرج محمد بري العواني، بينما يحتفي أيضاً بالفنان السعودي فهد الحارثي. ولم يكتف بتكريمه، بل اختار عرضاً من تأليفه هو “سفر الهوامش” للمخرج أحمد الأحمري وتقدّمه “جمعية الثقافة والفنون ـــ فرع الطائف”. ومن الخليج أيضاً، كرّم المهرجان الفنان منصور المنصور من الكويت التي تشارك بعرض “كوكب البحر” للمخرج عبد الله القلاف. واستكمالاً للعروض الخليجية، يقدّم المخرج القطري فيصل حسن عرض “أكذوبة” من تأليفه وإخراجه أيضاً. المسرح العراقي كان سيشارك في المهرجان من خلال فرقتين. الا أنّ السلطات المصرية رفضت دخول الفرقتين أراضيها بحجة أنّ الهدف من اشتراكهما في المهرجان هو دخول مصر والإقامة فيها من دون سند قانوني! وذلك وفق ما أفادت صحيفة “المصري اليوم” الأسبوع الماضي. يذكر هنا أنّ العامين الأخيرين شهدا دخول ما يزيد على مئة ألف عراقي إلى مصر للإقامة، وتردّدت أنباء عن طلب الحكومة العراقية من نظيرتها المصرية أن تتشدّد في منح الإقامة للعراقيين بدعوى عدم تفريغ العراق من أهله!
    إذاً، العراق كان سيشارك من خلال مسرحية “الفزاعة” وكانت ستكون المشاركة الثانية لعراق ما بعد الاحتلال بعد مسرحية “البيادق” التي شارك فيها المخرج عماد محمد في دورة 2005. مسرحية “الفزاعة” مونودراما تؤديها الفنانتان شيماء جعفر وساهرة عويد، وهي من إخراج عباس الخفاجي، وإنتاج دائرة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة العراقية “الجديدة”. وتنتقد المسرحية التناقضات التي يعيشها المواطن العراقي “المحرر” في إطار من الكوميديا السوداء. أما الفرقة العراقية الثانية فهي “فرقة كلية الفنون الجميلة” في جامعة الموصل التي كانت ستشارك من خلال مسرحية «الجمجمة” لـــلمخرج عبّاس عبد الغني وتأليف حسين رحيم وبطولة مهند فواز، وهي عرض تاريخي سياسي.
    أما المغرب العربي فيشارك بأربعة عروض، فيقدّم المخرج الجزائري مسرحية “الإيقاع” من تأليف عبد المالك بو سهل، وتقدم التونسية زهيرة بن عمر مسرحية “امرأة” من تأليف عز الدين مدني. ويقدم المخرج المغربي يوسف الريجاني عرض “البروفة الأخيرة” عن نص للجزائري محمد بن قطاف الذي يكرّمه المهرجان أيضاً، بينما يقدم المخرج الليبي فرج بوفاخرة مسرحية “من يقتل من” وهي من تأليفه أيضاً.
    تقدّم مصر 21 عرضاً لفرق الهواة، أهمها: “مسافر ليل” للشاعر الراحل صلاح عبد الصبور وإخراج خالد حسنين، “الغجري” تأليف بهيج إسماعيل وإخراج محمد حسام، “ياما في الجراب يا حاوي” تأليف سامح سعد وإخراج دعاء طعيمة وحصلت على المركز الأول في معهد الفنون المسرحية. هذا إضافة إلى “الحرافيش” المستوحاة من رائعة نجيب محفوظ، كتب نصّها ياسر علام وأخرجها خالد العيسوي، وتناولت روح عالم الحرافيش المحفوظي دونما التزام حرفي بنص الملحمة الشهيرة، مستخدمةً اللهجة العامية المصرية، ومفترضة مصيراً مغايراً ومختلفاً للفتوة عاشور الناجي، أهم أبطال الرواية الأصلية، مع مساحة واسعة للمرأة تتقاسمها كل من شخصيّتي سكينة والدة الفتوة بالتبنّي وفلّة زوجته ومفتاح غوايته.
    وبالإضافة إلى تكريمه الفنانين العرب، كرّم المهرجان عدداً من الفنانين المصريين هم: وحيد سيف، أسامة عباس، ليلى طاهر، محمود أبو زيد، حمدي أحمد، ميمي جمال، نبيل الهجرسي، عزيزة راشد، كوثر العسال وسميرة محسن، إضافة إلى السورية مها صالح والمغربي حسن جــــــــندي. أما لجنة التحكيم فتــــــضمّ كلاً من المخرج أحمد عبد الحليم (رئيساً)، قاسم مطرود (العراق)، جان داود (لبنان)، محمد سيف الأنخم (الإمارات) وحسن حسين (قطر).