فاطمة طقو
المعروف عن شهر آذار أنه “هدّار”، وينصح الأهل أبناءهم بأن يخبّئوا الفحم الكبير بانتظاره. لكن أحداً لم يحذّر من عاصفة المناسبات التي حمّلها اللبنانيون لهذا الشهر الربيعي من أوله حتى آخره، بل إن أياماً بعينها منه باتت موعداً لأكثر من احتفال، وأحدها صار اسم علم وله اسم دلع واسم حركة وثورة وانتفاضة.
لم يخطر في بال آذار أن نحوّله إلى مرآة للفسيفساء اللبنانية، فإذا كان قد اعتاد على أن يكون أوّله موعداً لاحتفالات الحزب السوري القومي الاجتماعي في ذكرى مؤسسه أنطون سعادة، وارتاح منذ عامين من تهافت اللبنانيين في الثامن منه على التهنئة وتقبّل التهاني بذكرى تسلم حزب البعث للسلطة في سوريا، فإنه في المقابل بات يصاب بالإنهاك يوم 14 من توزع الاحتفالات بين آباء “انتفاضة الاستقلال” و“ثورة الأرز”. واحتفالات التيار الوطني الحر بذكرى إعلان “حرب التحرير” ـــ زائد مشاركته بالانتفاضة والثورة ـــ ويضاف إلى ذلك احتفال تلفزيون “المنار” بذكرى انطلاق أول عملية لـ“السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال”.
وفي السادس عشر من آذار، لا تقلّ زخماً وكماً ونوعاً الاحتفالات عما هي عليه في الرابع عشر منه، فالحزب التقدمي الاشتراكي يوزع نشاطاته على مختلف المناطق لإحياء ذكرى اغتيال مؤسسه كمال جنبلاط، وتنفرد حركة “أمل” باستذكار الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1978 وشهدائه.
وإذا كان الغموض لا يزال يلفّ مصير “يوم الأرض” فــــي 31 آذار، وما إذا كان لا يزال يعني اللبنانيين أم أنهم نسوه منذ صعودهم إلى شاهق الأرز، فإن الأكيد أن وهج أعياد المعلم والأم والربيع يكاد يختفي بعدما بات آذار يختصر المعلمين بـ“القائد المعلم”، وأصبحت “ثورة الأرز” “أمّ المناسبات”... وما علينا إلّا أن ننتظر ربيعاً مثل “ربيع براغ”.