باسم الحكيم
إلسي فرنيني قلقة من الغد. عودتها إلى الدراما
مع «عصر الحريم» باتت محسومة، لكنّ التجارب السابقة جعلتها تخشى المفاجآت. الممثلة الناقمة على من «أسأوا فهم الحرية»، تتحدث عن المسلسلات المحليّة والكتب الروحانية، و... الأم في عيدها


لم تعد إلسي فرنيني تختار الحسم في إجاباتها. باتت اليوم مؤمنة بمقولة “ما تقـــــــــول فول قبل ما يصير بالمكيول”. تفضّل ألّا تعد الجمهور ولا حتى نفسها بدور الأم المثالية في المسلسل المرتقب “عصر الحريم”. قبل ست سنوات تقريباً، أكدت مــــــــشاركتها في مسلسل “ابنة المعلّم” الذي كانت منى طايع قد كتبته قبل 25 سنة باللغة الفصحى، خصّيصاً للراحلة هند أبي اللمع. وبعد نحو عشرين سنة، سحبته من الأدراج ولبننت نصّه، واتفقت مع شركة “رؤى للإنتاج” على إسناد بطولته النسائيّة إلى فرنيني. إلا أنّ إقفال “إم تي في”، وتأجيل العمل مــــــــرّة أخرى، جعلا الدور من نصيب كارمن لبّس الذي شكّل أول بطولة مطلقة لها (عرض قبل مدة على “إل بي سي”). وتكتفي فرنيني بالتعليق: “ما صار نصيب، لاختلافات في وجهات النظر”.
اليوم، وقبل أسبوعين من بدء تصوير “عصر الحريم” مع المخرج إيلي ف. حبيب، تعرب الممثلة اللبنانية عن سعادتها بالعودة. وتفضّل الاحتفال بصمت: “أحب التمثيل من كل قلبي، وأحرص على اختيار أدواري بعناية، وإلّا لكنت حقّقت ثروة واشتريت بيتاً، ولم أعد قلقة من الغد”. وهنا، تكشف لنا عن خيوط دورها: “أسمى حدّاد (اسم الشخصيّة)، هي نموذج المرأة التقليديّة التي تتغاضى عن الخيانة في سبيل الحفاظ على أسرتها، والأم المثاليّة التي تضحّي بحقوقها من أجل أبنائها”. وتشير إلى أن “الجمهور سيرى نقاط التشابه بينها وبين شخصيّتي الحقيقية، مع بعض الاختلافات. أسمى كلاسيكيّة لأبعد الحدود، أما إلسي ففي داخلها ثورة وبركان، لكنه بركان يرمي حمم نور لا حمم نار”. وتضيف بحماسة: “سيعرض العمل نماذج نسائيّة عدة، بينها المرأة المتحرّرة التي تصنع حياتها بنفسها، والأخرى المطلّقة التي تعيش تحديات صعبة في مجتمعنا. وجميع هذه الشخصيات مستقاة من واقع الحياة، من دون أن تتشابه”.
وتؤكد فرنيني أن “العمل يضيء على التناقضات الكامنة في شخصيّة الرجل الشرقي الذي يحقّ له ما لا يحق لغيره. وهذا ما أرادت طايع ككاتبة نسائيّة ثورويّة، ترفض أن يتحكّم الرجل بزمام الأمور، التعبير عنه”.
لكن الممثلة اللبنانية ترفض أن تطالب المرأة بحقوقها، “نتحدّث هنا عن مسألة إثبات وجود. والخطأ يكمن في ضعف المرأة التي رضيت بالتراجع والانسحاب”. وعلى رغم اعتبارها أن حقوق المرأة لا تُستجدى، حاصرتها الأعمال التي قدمتها بشخصيّة الأنثى الطيّبة والرومانسيّة، كي لا نقول الضعيفة، ولم تجسّد الثورة على الواقع. وهي تعزو ذلك إلى “ملامحي التي تنسجم مع نوعيّة معيّنة من الأدوار”.
تنتقد فرنيني المسلسلات اللبنانيّة التي تتخذ من المكسيكي نموذجاً لها. وتطالب بأعمال تعالج قضايا الشباب وتلامس واقعهم، “لأن الجيل الجديد يتأثّر بالتلفزيون بقوّة. وهذا ما أدى بالدول المتحضّرة إلى منع الأولاد دون سن الثانية عشرة من مشاهدة إعلانات تؤثّر في نشأتهم”. وتذهب إلى حدّ إدانة المحطات لما تعرضه من “كليبات مسيئة”. وتشكو “تراجع الأخلاق، بسبب الحروب”، لافتة إلى إيمانها بـ“دور الإعلام في تقديم دراما تبيّن أهميّة المبادئ في الحياة”. لذا ترفض وصف العائلة الصالحة، المتمسكة بالمبادئ والأخلاق والمتسلّحة بالإيمان، بالمتحجّرة. وهي لا تقصد أن تروّج لدراما دينيّة أو تربويّة، بل تحاول القول إن “الحريّة لا تؤدي إلى السعادة، والحياة العائلية ليست سجناً أو قصاصاً”.
لكن ألا تبالغ بتخوّفها قليلاً؟ هنا تبدو إجابتها حاسمة: “الواقع أسوأ. نفتقر إلى الحياة العائليّة، لأننا نتمثّل بالغرب، والحريّة التي يتحدثون عنها ليست حضارة بل جهل وغباء”.
وهل حملت أعمالها في السنوات الأخيرة، رسائل إلى المجتمع؟ تكتفي بالقول إن “بعض الأعمال هدفت إلى الترفيه والتسلية فقط، ولا أريد أن أصوّر نفسي معلّمة أحمل عصا وأضرب بها كل من عصا”. لكنها تعتبر حلقات “غرام عالإنترنت” من سلسلة “طالبين القرب” للكاتب مروان نجّار الذي كان سبّاقاً بإعادتها إلى الشاشة الصغيرة، “من أجمل أعمالي وأهضمها”. وتؤكد أن الاختلافات في وجهات النظر بين زوجها الممثل جورج شلهوب، ونجّار (زوج شقيقتها)، لا تفسد في الود قضيّة بينها وبين هذا الأخير.
وبعد سنوات على كلام جورج شلهوب على عمل يجمعه بزوجته وبابنهما يورغو، تؤكد فرنيني أن العمل لا يزال فكرة ونصّاً على الورق، كتبه أنطوان فرنسيس، “وغياب الإنتاج يعوقنا عن تنفيذه”.
وفي وقت تغيب فيه إلسي الممثلة، تحضر إلسي المقدّمة يوميّاً على قناة المرأة العربيّة “هي” حيث تقدم فقرة “صفحة من كتاب” الذي تعدّه ماري بدين أبو سمح. فهل هذه الإطلالة تشبع نهمك إلى الشاشة؟ تجيب: “المسألة ليست رغبة في الظهور، وقد أحببت هذه الفقرة، لأن علاقتي وثيقة بالكتاب، ومتعطّشة لتعلّم فلسفات جديدة وتجذبني الكتابات الروحانية”. وهل فتحت الفقرة أمامك عروض التقديم؟ تؤكد تلقّيها أكثر من عرض، “لكنني لست “حكوجيّة”، مع أنني بدأت حياتي مذيعةً في تلفزيون لبنان”. وفي الختام، لا يغيب عن إلسي توجيه التحية إلى الأم في عيدها، وتعتبر أن أمهات لبنان هنّ أكثر المتأثرات بالأوضاع السياسيّة المضطربة وغير المستقرّة التي يعيشها البلد. وفيما تشير إلى “أنني كنت دوماً الأم الطيّبة في الدراما”، تؤكد أنها لا ترفض تجسيد دور الأم الشريرة في تركيبة دراميّة مدروسة، “لكن دور الأم المتسلّطة الذي عرض عليّ، وجدته مبالَغاً فيه، فاعتذرت عنه”.