برلين ـــ ثائر غندور
فلسطين حاضرة بقوة في ألمانيا. تحطّ الكوفية ضيفة على أكتاف الشباب الألماني بكثافة. للوهلة الأولى يشعر الزائر بالمفاجأة، وقد يرفض أن يصدق أنه في البلاد التي طالما قيل إنها في صفّ العدو الاسرائيلي.
شوارع وسط برلين التي كانت تؤلف “المنطقة الميتة بين جداري الفصل”، أُعيد بناؤها بحيث تدمج “القديم” بالحداثة. في قلبها تقع السفارة الأميركية، يمر قربها شاب وصبيتان. يراقبون الاجرءات الأمنية ويعترضون عليها بالنظرات. تلفّ إحدى الفتاتين كوفيتها حول فمها وأنفها ويتابعون سيرهم، يحار الغريب في تفسير هذا التصرف، وعندما يسألهم عن سبب ارتداء الكوفية الفلسطينية يجيبون: “نرتديها لأنها الموضة”، ويتبين أنهم لا يعرفون ما الذي ترمز إليه هذه الكوفية ويقولون “إنها عرفات cap”.
خرج اللاعبون من ملعب كرة قدم في أحد أحياء برلين. ويرتدي عدد منهم الكوفية. وبعد البحث والتحري يتبين أن هذا الفريق الصغير اعتمد، مثل فرق أخرى، الكوفية رمزاً له، تبنياً للونيها الأسود والأبيض، وهو ما يعني أنها ضدّ التمييز. وفي محطة القطار في مدينة “كولن” في الغرب الألماني، يقف أفراد مجموعة من “Hippies” يرتدون الكوفية ويقولون إنهم يرتدونها للاحتماء من البرد، ويضيفون: “نعرف البعد السياسي للكوفية ولا نرتديها بسببه”. وحدهم المنتمون إلى اليسار الألماني الجديد يرون أن ارتداء الكوفية دلالة على وجود مؤيدين للقضية الفلسطينية، ويسمي هؤلاء الشيوعيون الكوفية بـ “عرفات Cap”، وهم يفخرون بأن بعضهم يلبس الكوفية التي لبسها خلال الدفاع عن المقرّ الرئاسي في رام الله خلال الحصار الحكومة والجيش الاسرائيليين للرئيس الراحل ياسر عرفات.