في سياق كتابها، تشير عزة شرارة بيضون إلى علاقة بين الذكورة والحروب التي تكون غالباً إعلاناً عن أزمة في الهوية الذاتية والجماعية. وتشير إلى أن تحليل الخطاب الأميركي بعد هجمات 11 أيلول يكشف أن الولايات المتحدة لا تعلن الحرب على الإرهاب فحسب، بل تخوض حرباً داخلية للدفاع عن الذكورة التقليدية. كما أنّ بعض الكتّاب الأميركيين أحالوا انتهاكات الأسرى العراقيين في سجن أبو غريب إلى أزمة في الذكورة الأميركية. أما صور الأسرى الذين تعرّض بعضهم لعنف جنسي فكانت تشير إلى الإذلال المعنوي الكبير الذي أصاب ذكورة العراقيين ككل بسبب الاحتلال الأميركي. وتستشهد بيضون بكتاب “نظر إلي ياسر عرفات وابتسم” ليوسف بزي كمثال على الحرب الأهلية ولجوء الشبان اللبنانيين إلى العنف لإثبات هويتهم الذكورية.
وتنتقل إلى فلسطين حيث كانت آثار الضرب والتعذيب علامة لعبور فتيان وأطفال الانتفاضة الأولى إلى رجولة مبكرة. وكانت هذه الرجولة تنطوي، بحسب الباحثة، على خرق لقواعد التراتب الاجتماعي، إذ يصبح الفتيان أعلى مرتبة من آبائهم لأنهم يصبحون حماةً لهم بدلاً من أن يكون الآباء حماة أولادهم. وتكشف عن جانب آخر لتلك الظاهرة يتمثل في نقل بعض الفلسطينيين العنف الواقع عليهم إلى النساء في عائلاتهم. وقد شكت بعض الزوجات والأخوات أن أزواجهن وأشقاءهن يعودون من الاعتقال بسطوة متجددة تعبر عن نفسها في محاولات السيطرة على سلوكهن. وصرح بعضهن بأن الرجال الذين يتعرضون للضرب يعودون إلى بيوتهم ويمارسون العنف ضد النساء.
الأرجح أن العلاقة بين الذكورة وعنف الحرب هي واحدة من المجالات والحقول العديدة والمختلفة التي يمكن الأبحاث الاجتماعية أن تنخرط فيها. وهذه دلالة إضافية على أهمية الأسئلة التي تطرحها عزة شرارة بيضون في كتابها.