جورج موسى
الصحافة الفنية في بيروت كانت على موعد مع «عرس» نظمته شركة الانتاج الأشهر في العالم العربي. عرس رمزي طبعاً، احتفالاً بعودة «الابن الضال» نوال الزغبي إلى منزلها الأوّل، أي المؤسسة الشهيرة التي ساهمت في صنع شهرتها

مضى زمن طويل لم تجهّز فيه “روتانا” معداتها وموظفيها وتنقلهم إلى فندق Movenpick في بيروت، لإحياء مناسبة مهمّة. ذلك أن الحرب والأوضاع السياسية المتوترة في البلاد، أجبرت “استديو النجوم” على إطفاء بعض أضوائه. فغابت المناسبات الفنية الكبرى عن العاصمة خلال الفترة الأخيرة، وانتقل الصخب إلى القاهرة ودبي.
لكن الحدث الذي نظمته الشركة أول من أمس، كان لا بدّ من أن يكون لبنانياً بامتياز! نوال الزغبي قررت العودة إلى “المنزل الأول”، بعد خيانة عابرة في أحضان “عالم الفن”. ولأن مثل هذه المناسبة لا تحدث كل يوم، فقد أرادتها “روتانا” حفلة أشبه بعرس، غطّت فيها أقواس الزهور، وأقفاص العصافير البيضاء، وصور “عروس روتانا”، مثلما أطلق عليها، على أي شيء آخر. في السابق، كانت بيروت قبلة شركات الإنتاج. هنا تقام الاحتفالات لتوقيع ألبومات أشهر نجوم الخليج والمغرب العربي وحتى المصريين. وهنا أيضاً، احتفلت الإماراتية أحلام والتونسي صابر الرباعي والمصري عمرو دياب والسوري جورج وسوف وغيرهم بتوقيع عقودهم مع “روتانا”. وبعد فترة من الركود، جاءت الزغبي لتعيد الأمور إلى نصابها! وفيما شُغل العالم العربي بالقمة المنعقدة في الرياض، كانت الصحافة الفنية اللبنانية تحتفي بالزغبي، وتستعيد الأيام الخوالي!
في المؤتمر، أثبتت نوال أنها نجمة رغم كل شيء. استقطبت صحافيي الخليج ومصر أيضاً. الأمر الذي أثار غيرة بعض زملائهم اللبنانيين ممن يحلمون بالمشاركة في مهرجانات “روتانا” في الخارج. أما الصحافة الخليجية، من جهتها، فسجلت موقفاً خلال المؤتمر، من خلال بعض ممثليها الذين طرحوا تساؤلات عن أسباب اهتمام “روتانا” بنجوم لبنان على حساب نجوم الخليج! وردّ آخرون بأنّه موقف غير عادل، لأن فناني الخليج يستأثرون دائماً بحصّة الأسد من مظاهر الحفاوة في “روتانا”.
عادت الزغبي إلى بيت الطاعة إذاً. هذا أبرز ما جاء في المؤتمر الصحافي الذي لم يحمل أي جديد. سالم الهندي، مدير الشؤون الفنية في الشركة، كان فرحاً بانتصاره. إذ وجّه ضربة قاضية لمحسن جابر، صاحب شركة “عالم الفن”، بعدما انتزع منه إحدى آخر ورقاته الرابحة، وبعد ذهاب نوال الزغبي لم يعد في جعبته سوى القليل القليل من النجوم. إنها رسالة إلى من يهمّه الأمر، تفيد بأن “روتانا” لا تزال الشركة الأولى القادرة على اللعب مع الكبار، حتى نوال الزغبي التي رفضت مبدأ الاحتكار مراراً، قررت العودة. بل إن الهندي أخرج صغار المغنين من الشركة، واستعاض عنهم خلال أشهر بلطيفة، وشيرين ونوال؟
إلا أن الهندي بدا متشنّجاً في كل مرة سئل فيها عن الحصرية التي أوقعت خلافات جمّة بين الشركة وعدد من المغنين، خصوصاً المصريين. فالإحصاءات تشير إلى أن “روتانا” ليست الأولى في مصر، هناك تحتلّ “ميلودي” و“مزيكا” أعلى المواقع في اهتمام المشاهدين. كذلك عماد الدين أديب دخل بثقله إلى الساحة، وبدأ يخطف مغنّين إلى “غود نيوز”. وإلى جانبه، يقف نجيب ساويرس الذي افتتح أخيراً قناة “أو تي في”، وأسس معها شركة إنتاج عرضت على الزغبي مبلغاً ضخماً مقابل احتكار أعمالها، تردد أنه 3 ملايين دولار. لكن الهندي يرفض هذا الواقع: “روتانا شاشة محافظة، وأعمال فنانينا لن تعرض على شاشات لا تستحقها! حسبنا أن نتعاون مع LBC وMBC والقناة الأرضية المصرية”.
أما نوال، فأكدت أنها “لا تهتمّ بالعنصر المادي”، مشيرة إلى أن “روتانا” أعطتها حقّها وأكثر. لم تكشف طبعاً عن قيمة العقد الذي يمتدّ على ثلاث سنوات، ولم يحاول الصحافيون بذل مجهود كبير لتقصّي الرقم الذي أغراها بعد سنوات من المفاوضات.
هكذا، انتهى المؤتمر من دون تقديم أي تفاصيل. وعلى غير عادتهم، لم يطرح الصحافيون أي أسئلة استفزازية... ربما كانت فرحة اللقاء هي التي ألهتهم عن الحدث. لقد أغرقوا الزغبي في عبارات المديح والثناء... وتحدّث بعضهم عن “عودة الابن الضال”، و“عودة الطفل إلى أبويه”. وسأل أحدهم: “ما هو شعورك اليوم إذ تنعقد قمة عربية في السعودية وقمة “روتانية” في بيروت؟”...
هكذا تنفّست النجمة الصعداء... بعد أن كانت متوتّرة وخائفة من مواجهة الصحافة والاجابة عن الأسئلة الاستفزازية. انكسر الجليد منذ البداية، وكان “التنكيت” سيد الموقف. أكدت أنها تسعى إلى تحقيق أرقام جيدة في سوق الكاسيت، من خلال العمل على طرح الأعمال الجيدة، علماً بأن العقد ينص على إصدار 3 ألبومات حدّاً أدنى. وفي أجواء فرحتها بالعودة إلى الشركة السعودية، قررت الزغبي مغازلة جمهور الخليج، فأعلنت أنّها تعمل على ألبومات خليجية، ستصدر في الفترة المقبلة.
وإذا كانت السهرة التي حملت كل عناصر الإبهار، دليلاً كافياً على المكانة التي تحتلها صاحبة “الليالي” و“حبيت يا ليل” و“قلبي دق” و“ماندم عليك” و“الدلعونا”، فإن هناك بعض الأسئلة التي لا تزال معلّقة: كيف ستضمن حضورها في سوق القاهرة؟ وهل يسبب لها ذلك خلافات مع الشركة؟ ما سرّ اقتناع الزغبي بدفتر شروط “روتانا”، فيما راغب علامة رفضها مثلاً؟ وهل فعلاً بدأت “روتانا” بـ“غربلة” أسماء فنانيها، فقررت الاحتفاظ بالكبار فقط؟...
في النهاية، سهر المجتمعون وتجاذبوا أطراف الحديث، وأكلوا وشربوا من دون الخروج بأي مادة جديدة. هكذا تنتهي “القمم” الفنية!