كامل جابر
تنطلق هذا الأسبوع الجدارية الخامسة الكبيرة في مدينة صيدا، تحقيقاً لمشروع بدأ العام الماضي في عاصمة الجنوب على أيدي تلامذة موهوبين وهواة من خلال الشبكة المدرسية في المدينة وضواحيها، وقد أُطلق المشروع بمبادرة من رئيسة لجنة التربية النيابية بهية الحريري، وإشراف الفنان التشكيلي فؤاد جوهر.
الجداريات التي باتت تزيّن أكثر من شارع في المدينة، شكّلت حافزاً لكثير من المؤسسات التربوية والأهلية والمجالس المحلية، لتنتقل عدواها إلى عدد من المدن اللبنانية، ومنها مدينة النبطية. وذلك بعدما أوعز مجلس بلديتها إلى الفنان جوهر للبدء بتنفيذ جداريتين كبيرتين عند مدخلها الشمالي وفي أحد شوارعها الرئيسة. أرسل جوهر إلى المدارس الرسمية والخاصة في النبطية يطلب إليها إيفاد تلامذة موهوبين ليشاركوا للمرة الأولى في ممارسة هذا الفنّ الجماعي، ذي الأبعاد الجمالية والبيئية، والإنسانية المختلفة.
شارك بعض أساتذة مادة الرسم في تنفيذ جزء من الجداريات في صيدا، وقد توزعت على النحو الآتي: جدارية ضخمة قرب الجامعة اللبنانية عند آخر مخارج صيدا نحو أوتوستراد الجنوب، وجدارية رائعة قرب مدرسة البهاء، وجدارية من لوحات متفرقة في الحي الشعبي في عين الحلوة، والمعروف بمنطقة الفيلات، إلى جدارية في شارع رياض الصلح، قرب موقف الصاوي زنتوت للنقليات، على أن تتناول المهمة الخامسة جدارية كبيرة في شارع جزين، مقابل مطعم “البادرينو” ALPADRINO.
يقول جوهر: “إن هذه الظاهرة الجمالية والحضارية تخدم من دون شك منحى رؤيوياً وبيئياً، سيؤثر على المدى البعيد في سلوك الناس الحضاري، لجهة الحفاظ على نظافة حيطان المدينة وعدم تشويهها بكتابات سخيفة وشعارات فارغة، ومسيئة وبذيئة أحياناً، ما يحفّز الناس على الاهتمام بنظافة هذه الجدران الملونة وبالتالي نظافة مدينتهم وزينتها، ويؤسس لثقافة بصرية غير هامشية. وفيها كذلك تحريض على البعد الجمالي عند الناس، فيحفزهم على تسويق هذا المشروع ليطال كل حيطان صيدا والمساهمة فيه”.
أما اختيار الرسوم فقد تحقق من خلال مشاهدات جوهر للمعارض التي تقوم بها الشبكة المدرسية في صيدا وضواحيها: “كنت أكتشف عشرات الرسوم المبدعة والجميلة، من أعمال أطفال هذه المدارس وتلامذتها، وكل لوحة منها تصلح لأن تكون رسماً على جدار من جدران الصمت في مدننا، ونحن إذا أخذنا قراراً بتجميع كل هذه الرسوم التي أبدعها أطفالنا وتلامذتنا ونفّذوها على جدران مدننا الرمادية، يصبح لدينا متحف رائع في الهواء الطلق، وجميل من نتاج إبداعات مدارسنا وأطفالنا، وتبقى ذاكرتنا البصرية محاطة بإبداعات هذا الجيل، لتبقى ذاكرة الطفولة فينا”.