خالد صاغيّة
بات على كــــلّ فرد، على كـــلّ مواطن، أن يتلمّـــــس جـــســــده جيّـــداً عند الصباح. أن يتأكّد أنّه يســــتطيع فـــــعلاً أن يبدأ نهاراً جديداً.
على كلّ فرد، على كلّ مواطن، أن يختبر أحاسيسه كما يفعل الأطفال عادة، ليتأكّد أنّ النظام العصبيّ داخل عموده الفقري لا يزال شغّالاً.
على كلّ فرد، على كلّ مواطن، أن يدرّب أذنه على سماع أصوات لا تبثّ نشرات أخبار وملاحق أمنيّة.
على كلّ فرد، على كلّ مواطن، أن يجلس في العتمة لدقائق، ليعيد اكتشاف الضوء على مهل.
على كلّ فرد، على كلّ مواطن، أن يشتمّ رائحة جلده جيّداً. أن يلعق يده بلسانه، ويعاود التمرين مرّة بعد مرّة.
على كلّ فرد، على كلّ مواطن، أن يغنّي في الحمّام. أن يتذكّر أيّة أغنية قديمة أو جديدة، ويجرّب بها حباله الصوتيّة.
على كلّ فرد، على كلّ مواطن، أن يدخل المطـــــبخ. أن يخــــترع طــــبخات جديدة ويتـــــذوّقها، ثمّ يعـــــيد طـــــبخها نفسها مع أنواع مختلفة من البهارات، ويتذوّقها مرّة أخرى.
كلّ فرد، كــــلّ مواطــــن، كلّ عـــائلة، كلّ مبنى، كلّ مؤسّسة، كلّ قرية، كلّ مدينة لبنانيّة... الرجاء بعض الهدوء. لقد بدأت الموسيقى... ثمّة من يغنّي ليكسر الألم: «دوّرت إيّام الشتي، غير الشتي ما لقيت... بقيوا يللي بقيوا، وأنا لوحدي بقيت»...