القاهرة | لا يحتاج سوق الفضائيات المصرية إلى إثبات بأنّه يعيش أحلك أيّامه، بل ينتظره ما هو أسوأ بعد رمضان المقبل. لكن الإحصائية الصادرة عن موقع e3lam.org حول البرامج التي غابت خلال عام واحد، عكست عمق الأزمة التي تتضخم يوماً تلو الآخر.29 برنامجاً توقفت خلال عام واحد. نتيجة أكدتها إحصائية نشرها موقع «إعلام. أورغ» الإلكتروني، وتعبّر بالأرقام عن حال سوق الفضائيات المصرية.

مع الأخذ في الاعتبار أنّ خمسة من تلك البرامج تم وقفها لأسباب أو بضغوط سياسية ودينية. وهو رقم كبير أيضاً في عام واحد.
لكن اللافت أن يتوقف 24 برنامجاً إمّا لأنها لم تحقق عائدات مالية أو على خلفية خلاف مادي بين المذيع والقناة، أو لأنّ القناة قرّرت تغيير توجهها، فضحّت بكل من كانوا يظهرون عبر شاشتها.
الإحصائية التي أعدّها موقع e3lam.org المتخصص في شؤون الإعلام المصرية، جاءت بمناسبة وقف قناة «القاهرة والناس» لبرنامج «مع إسلام» لإسلام بحيري (الأخبار 23/4/2015)، ليكون أوّل برنامج يتم وقفه بضغط من مؤسسة «الأزهر»، وهي أرفع المؤسسات الدينية الرسمية في مصر. هكذا، قرّر فريق الموقع رصد كل البرامج التي توقفت في الفترة الممتدة بين نيسان (أبريل) 2014 والشهر نفسه من العالم الحالي، ليصل الرقم إلى 28 برنامجاً على كل المحطات والشبكات.

تراجع الاستثمار في الإعلام مع وصول السيسي إلى الرئاسة


وذكر الموقع أنّ قلّة نادرة من الإعلاميين الذين غابوا، نجحوا في العودة عبر قنوات أخرى. غير أنّ المثير للسخرية أنّ الرقم ارتفع سريعأً إلى 29 بعد إعلان نجيب ساويرس، مالك قنوات «أون تي في»، وقف برنامج «البرلمان» لنصر القفاص. البرنامج الذي انطلق قبل أشهر لمواكبة الانتخابات البرلمانية المصرية التي تأجلت إلى أمد غير مسمى.
وتتصدّر قناة «التحرير» قائمة المحطات التي توقف برامجها (7 برامج)، ويرجع السبب إلى الانقلاب في سياسة القناة التي اتجهت تماماً نحو المنوعات مع تغيير اسمها إلى TeN قبل شهرين. وتتساوى معها شبكة قنوات «سي. بي. سي.» بنفس عدد البرامج المتوقفة، لتأتي قناة «القاهرة والناس» في المركز الثالث (4 برامج). وتنوّعت أسباب وقف برامج هذه الأخيرة، ما بين الاقتصادية كما حصل مع «فنجان قهوة» لنوال الحضري و«حزب الكنبة» لنائلة عمارة، بسبب غياب العائد الإعلاني والإقبال الجماهيري، أو الاشتباك مع رجل أعمال كساويرس كما حدث في برنامج «الصندوق الأسود» لعبد الرحيم علي. وهناك أيضاً الأزمة الشهيرة مع «الأزهر» في برنامج إسلام بحيري، فضلاً عن أربعة برامج أخرى توقفت لأسباب سياسية أو لضغوط غير مباشرة. هذه البرامج هي: الـ Boss لإبراهيم عيسى (mbc مصر)، و«آخر كلام» ليسري فودة (ONTV)، و«حكومة نص الليل» لأحمد العسيلي (CBC)، و«البرنامج» لباسم يوسف. في غضون ذلك، يعيش العاملون في مدينة الإنتاج الإعلامي حالة شديدة من التشاؤم بعد الانسحاب الجماعي لرؤوس الأموال من هذا المجال، تزامناً مع وصول عبد الفتاح السيسي إلى سدّة الرئاسة. وهو ما فسّره البعض بأنّ عدم رغبة السيسي في التقرّب من رجال الأعمال، أدّى بهؤلاء إلى التوقف عن الإنفاق على صناعة الإعلام، إضافة إلى إهدار عشرات الملايين من الجنيهات في إنتاج برامج وصناعة وجوه إعلامية لأسباب سياسية لا مهنية.
وكل هذه الأسماء فشلت في تحقيق عائد يسمح باستمرارها، إلى جانب انهيار صدقية معظم الإعلاميين، وملل الجمهور من السياسة نتيجة الاستقطاب الحاد الذي تكرّر منذ يناير 2011 حتى الانتخابات الرئاسية الأخيرة.