إسماعيل طلاي
كادت المذيعة السعودية هنا الركابي تدخل في جدال ساخن مع نواعم “إم بي سي”، عندما أثير النقاش في الحلقة الأخيرة من برنامج “كلام نواعم” حول سيطرة المرأة على الإعلام العربي.
وفيما ارتدت المقدمة فوزية سلامة ثوب المحامي الجَسور المدافع عن بقاء سيطرة المرأة في الإعلام “ولو كره الكارهون”، فاجأت الركابي زميلاتها بالقول “إن الشرع حسم الأمر بأنّ النساء ناقصات عقل ودين”، فكاد النقاش يتحوّل إلى جدل ساخن في لحظة فارقة!
وكأغلب ندوات الحوار التي تقيمها الفضائيات العربية حول حقوق المرأة وغيرها من القضايا الاجتماعية، غالباً ما تكون “العاطفة” سيدة الموقف في نقاشات المحاورين. ولم تشذّ النواعم عن القاعدة وهن يناقشن قضية، يلعبن فيها دور “المتهم” و“الجاني” و“الشاهد” في الوقت عينه. في البداية، افتتحت منى أبو سليمان الحديث بإشكالية تبدو بعيدة من الواقع، متسائلةً: “المرأة تسيطر على التلفزيون... واقع أم خيال؟”، ولربما كان التساؤل سيبدو أقرب إلى الواقع لو قالت: “المرأة تسيطر على التلفزيون... حقيقة أم مبالغة؟”. ثم جاء دور ضيفهن الإعلامي اللبناني والأستاذ الجامعي كريستيان أوسي الذي فصل النقاش للوهلة الأولى بردّ “لبق”: “وجودي اليوم بين كوكبة الجميلات، دليل على السيطرة”! وبعد أخد ورد حول سر “الهجمة الأنثوية” على الفضائيات، اتفق الجميع على وجهة نظر واحدة: الرجل هو المتهم دائماً، والمرأة كعادتها بريئة، وخصوصاً أنها “تسيطر على التلفزيون لأن الرجل يحبّ الجمال، ويفضل مشاهدة مذيعة جميلة بدلاً من رج”! وأكد أوسي أن “العرب ملّوا مشاهد الحروب والنزاعات وتصريحات السياسيين، وبالتالي فهم يفضلون مشاهدة مذيعة جميلة تكون “واجهة” تخفف من متاعب ووطأة الإعلام”.
وعلى رغم أن الإعلاميات الأربع وزميلهن اللبناني أشادوا بمعيار الكفاءة، اعترفوا جميعاً بأن “الجمال” و“عشق الأنوثة” و“الغريزة” هي معايير أساسية تفتح الطريق أمام المرأة إلى التلفزيون... إلا أن أحداً لم يسأل: “أيهما يحسم سباق النساء نحو الوظيفة في الفضائيات العربية: الجمال أم الكفاءة؟”. وكاد النقاش يأخذ منحى آخر، حينما قالت الضيفة الثانية هنا الركابي: “الشرع حسمها، لأن النساء ناقصات عقل ودين”، فقاطعتها منى أبو سليمان بلهجة الرافضة “المنتفضة” قائلة: “لا، لا”. ثم تداركت الصحافية السعودية رنا الموقف بالقول: “مهلاً، مهلاً، فهن ناقصات دين من ناحية العبادات التي تجيز لها عدم الصلاة وهي نفساء مثلاً، وناقصات عقل بحكم أنهن يحتكمن إلى العاطفة”. إلا أن طرح رنا لم يرق كثيراً فوزية التي فضلت أن تنهي النقاش بابتسامة تخفي قناعة لا تتزعزع: “نحن هنا باقيات، ولو كره الكارهون”. بدا كلام النواعم محاولة قديمة متجددة لإحياء نقاش “مملّ” لا نكاد نسمعه إلا في المجتمعات العربية التي تستفيق بين الحين والآخر على سجالات وتردّد شعارات من قبيل “إنصاف المرأة والدفاع عنها وعن مكانتها في الإعلام العربي”. كان البرنامج الذي عرض مساء أول من أمس حديثاً عابراً بامتياز، لم نسمع فيه أرقاماً وإحصائيات أو دراسات متضاربة حول نسبة مشاركة المرأة العربية في حقل الإعلام، بل مجرّد إثارة إشكاليات، تلوكها الألسنة في المجتمعات العربية منذ بداية انفتاحها على الفضائيات... فهل سنسمع يوماً نقاشاً حول حقوق الرجل في العالم العربي. إنه مجرد سؤال وليس أمنية!