بيار أبي صعب
من لم يلتقّ Borat حتى الساعة، ننصحه بالتوجّه فوراً إلى الصالة “6” (Sodeco Square الأشرفية)، لمشاهدة فيلم ساشا بارون كوهين الذي بلغ المرتبة الأولى ــ قبل شهرين فقط ــ في صالات الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا وسويسرا والدنمارك وفنلندا... “بورات” فيلم ليس كالأفلام، لا تصدّقوا منه شيئاً، أو بالأحرى... صدّقوا كلّ شيء! إنها مغامرات بورات في بلاد العم سام، بحثاً عن حبيبته باميلا (أندرسون)، برفقة منتجه والدبّ الذي يحميهما من خطر اليهود.
هذا المراسل الكازاخستاني الغريب الأطوار الذي ينضح هبلاً وعنصريّة وسذاجة وأمية وتخلفاً عقلياً، ونكتشف أنّه ليس أفضل من معظم الأميركيين الذين يصادفهم، يقف وراءه كوميدي بريطاني اسمه ساشا بارون كوهين.
كوهين يعرفه الجمهور البريطاني منذ أواخر العقد الماضي، من خلال برنامج شعبي على “القناة الرابعة”. ذات مرة ابتكر خريج قسم التاريخ في كامبريدج، وشوفير مادونا في كليب “ميوزيك”، شخصية “علي ج.” التي حققت شعبيته، بمقالبها وحواراتها المزيّفة، وقدرتها على تعرية العيوب وطرح المشاكل الشائكة. ثم لبس جلد بورات الصحافي الكازاخستاني الغريب الأطوار، بوعيه البدائي، وجهله بالتكنولوجيا، وقيمه الآتية من القرون الوسطى (بدءاً بنظرته إلى المرأة وصولاً إلى لا ساميّته الفطريّة)... تقمّص كوهين بطله تماماً، وراح يعيش في جلده بالكامل حتى في المؤتمرات الصحافيّة. بشاربه الكث، بسلوكه وذهنيته وقيمه ومظهره التي تعود إلى زمن آخر، وبملامحه الصادمة التي تجمع كلّ عيوب العالم، ولغته الانكليزيّة الرديئة والهاذية في آن... حتى ليضيع المشاهد بين ما هو حقيقي وما هو مختلق في الفيلم!
نعم، لقد خرج صديقنا بورات من التلفزيون إلى الشاشة الكبيرة في فيلم يحمل اسمه، فأثار غضب الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف الذي طلب منع الفيلم من الرئيس بوش شخصياً! لم يستجب الكاوبوي الأكبر مع أن الفيلم يسخر بحدّة جارحة من العنصريّة العاديّة والبلاهة ومعاداة الساميّة ورهاب المثلية، لدى الأميركي العادي، ويوجه سهاماً سامّة إلى الاحتلال الأميركي للعراق... أما الرئيس الروسي بوتين فمنعه “لأنّه يسيء إلى بعض فئات الشعب”.
بورات المنغولي الذي يضاجع أخته المومس وسائر الحيوانات الأليفة (!) يزور أميركا في مهمّة اعلاميّة، لمساعدة شعبه على التعلّم من تلك الحضارة العظيمة. يأخذنا إلى قاع ذلك المجتمع المخيف حيث العنصريّة هي القاعدة، والعنف هو من مكوّنات الثقافة الوطنيّة. وبعد أن تحل عليه القداسة في مهرجان هستيري لإحدى الملل الأصوليّة المسيحيّة الرائجة في أميركا، يعود إلى قريته مع مومس سوداء طيبة، تصبح قديسة القرية التي تحوّل أهلها إلى الدين المسيحي!

الصالة 6- سينما أمبير