القاهرة ــ محمد محمود
بعدما انتشرت القنوات المتخصصة في الغناء، ثم في الرياضة خلال السنوات الماضية، قررت المؤسسات الإعلامية تخصيص عام 2007 للدراما. جاء هذا القرار بعدما كشفت الإحصاءات الأخيرة أن قنوات الأفلام والمسلسلات تتصدر لائحة المحطات الأكثر مشاهدة. وخير دليل على ذلك سباق رمضان الذي يدرّ أموالاً طائلة على كل محطة تحظى بحقوق حصرية لبثّ مسلسل يحمل بعض مقومات النجاح.
وقد لا تكون مبالغة في الجزم أن سرّ صمود شبكتي ART وأوربت، رغم المنافسة الشرسة من القنوات غير المشفرة، يعود في المقام الأول إلى امتلاكهما الحقوق الحصرية لبث أشهر الأعمال الدرامية، وهو ما دفع قناة مثل “روتانا” إلى دخول سوق الإنتاج السينمائي بقوة حتى تحصل على مكتبة فريدة، تؤمن لها الإعلانات باستمرار. هكذا، عقد الإداريون في المؤسسات الإعلامية اجتماعات سرية وقرروا إطلاق قنوات متخصصة بالدراما... وخصوصاً أن المعادلة باتت سهلة: تقديم دراما متنوعة وحديثة، ولا مانع من إعادة تذكير الجمهور بروائع المسلسلات القديمة كما فعلت “روتانا زمان” مع مسلسل “ليالي الحلمية” طوال ثلاث أشهر تقريباً.
قناة “دبي” أرادت أن تكون السباقة. كيف لا وهي التي انفردت في شهر رمضان بتقديم 7 مسلسلات دفعة واحدة، معظمها من إنتاجها؟ وها هو علي الرميثي، مدير القناة، يكثر من زياراته للقاهرة في الأشهر الأخيرة، بغية عقد جلسات عمل مع الشركات الخاصة التي تراجعت عن تعاونها مع الجهات الإنتاجية الحكومية. ويشترط الرميثي في لقاءاته، البحث عن أشكال درامية جديدة، تطابق العناصر التي جمعها المسلسل المنتظر “لحظات حرجة” الذي ستعرضه “دبي” مرة كل أسبوع. وهي تحاول من خلاله أن تجس نبض مشروعها الجديد، وقد رصدت له ميزانية ضخمة. لكن تلفزيون “دبي” لن يدخل الساحة وحيداً. ها هي MBC تقف له بالمرصاد، وفي جعبتها قناة خامسة (قد تحمل اسم 5MBC)، هدفها عرض الأفلام السينمائية والمسلسلات. وقد بدأت فعلاً القناة عقد اتفاقات مع شركات الإنتاج السينمائي لشراء عدد من ألأفلام خلال الفترة المقبلة. “روتانا” أيضاً ستطلق قناة خاصة بالمسلسلات... الشركة السعودية لن تكتفي بعرض المسلسلات القديمة على “روتانا زمان”، بل ستدخل مجال الإنتاج الحديث أيضاً.
بين هذه القناة وتلك، يعوّل صناع السينما المصرية على انتعاش غير مسبوق، قد يصل انتاجها إلى 60 فيلماً سنوياً خلال عامين على الأكثر. لكنهم، في المقابل، يغربون عن خشيتهم من غلبة الكم على المضون، وعودة أفلام “المقاولات” التي أسمهت في فقدان الشاشة الفضية بريقها خلال العقود السابقة. في الوقت نفسه، يتفاءل صناع الدراما بدخول القنوات الكبرى الملعب، لأن ذلك سيسهم بتقديم أشكال درامية جديدة. ولعلّ التجارب الكوميدية التي استقبلتها الشاشات العربية في رمضان الماضي خير دليل على ذلك، (“تامر وشوقية”، “سيت كوم” على قناة “المستقبل”، و“أحمد اتجوز منى”، “ميني ــ كوميدي” على MBC). كما ستسمح هذه المنافسة بعرض أفلام الديجيتال الطويلة والقصيرة التي يعيش صناعها في الظلّ منذ فترة. تجدر الإشارة أخيراً إلى أن التلفزيون المصري يملك قناة “النيل للدراما”. وهي انطلقت قبل 10 سنوات لكنها تعاني نقصاً حاداً بالبرامج، بعدما ضمها الشيخ صالح كامل (صاحب شبكة ART) لقنواته المشفرة. وباتت القناة متخصصة بعرض الإنتاج الدرامي المصري القديم أو إنتاجات الدرجة الثانية، أو عرض الإنتاج الجديد، لكن بعدما رموها على القنوات الفضائية الأخرى.