خصصت “الجزيرة” حلقتها الأخيرة من برنامج “ممنوعون” لفرقة “ناس الغيوان” المغربية. وإذا كان البرنامج قد نجح في التعريف بالمجموعة، وخصوصاً عبر الألف واللام التي حوّلت ناس الغيوان إلى (الناس الغيوان) في الجنيريك، وأيضاً أثناء قراءة التعليق، إلا أنه فشل في أن ينقل للمشاهد مدى تغلغل “الحال” الغيواني في الشارع المغربي. نعرف جميعاً أن الغيوان لم يكونوا ممنوعين. بل إن كلامهم الجريء كان يحظى بتشجيع العاهل الراحل الحسن الثاني الذي حينما استدعاهم للمرة الأولى إلى قصره، حاولوا أن يقدموا أمامه بعض القطع الهادئة من مخزونهم الصوفي. وما كان منه إلا أن أوقفهم ليواجههم برغبته في سماع أغانيهم الشهيرة عن الظلم والرشوة وفساد الحكام. ومن يومها، وهم يغنون أمامه تلك الأغاني التي كان معارضوه يتخذونها شعارات ضده. كنا نتوقع من “الجزيرة” التي افتتحت أخيراً مكتباً لها في الرباط، وهي تقارب التجربة الغيوانية من زاوية المنع، أن تعود إلى فترة البدايات في زمن الجنرال الدموي محمد أفقير. فترة المنع الحقيقي. فترة كان عنوانها الأكبر هو الراحل بوجميع الذي تجاهله تماماً البرنامج. عشاق “ناس الغيوان”، المغاربة على الأقل، يجمعون على أن هذه المجموعة الشعبية ما كانت لتتحول إلى أسطورة لولا الحضور القوي لنجمها الأول بوجمعة حكور الملقب ببوجميع الذي لم يعش وسط المجموعة سوى أربع سنوات، صنع خلالها مجد الغيوان قبل أن يرحل في ظروف غامضة. ولقد سبق لأخي بوجميع عبد الله حكور أن أكد مرة لقناة “دوزيم” المغربية أن وفاة أخيه “لم تكن طبيعية، ولا علاقة لها بالرواية الرسمية التي تقول إنه مات بسبب قرحة المعدة... كانت رغوة بيضاء غير طبيعية تخرج من فمه يوم وفاته، وهو ما يجعلنا نفترض تسميمه”. ويحكي أخو بوجميع عن الطبيب الذي حضر إلى الشقة في اليوم التالي، وشكّ في أن بوجميع مات مسموماً، لكنه سرعان ما غيّر أقواله. ويتساءل عن سرّ السيارة الحكومية التي شوهد يركبها يوم وفاته، وعن صديقته شافية التي تأكد في ما بعد أنها كانت مكلفة مراقبته، وقد اختفت يومين قبل وفاته... أسئلة كثيرة تطرح نفسها اليوم جعلت أسرة بوجميع تطالب باستخراج رفاته وتحليلها لمعرفة أسباب الوفاة. لكن يبدو أن “الجزيرة” قد اختارت الاحتفاء بالغيوان بطريقتها الخاصة، وبعيداً من شبح بوجميع.
ياسين...