strong>مهى زراقط
بعد 28 يوماً على توقيف فراس حاطوم وعبد خياط ومحمد بربر، بثّ «تلفزيون الجديد» الحلقة الأولى من الوثائقي الذي أدى إلى سجنهم: «كش ملك».
تُرجّح أن العنوان يأتي نسبة إلى «الشاهد الملك» محمد زهير الصديق، وتسأل هل «سيطيح» الوثائقي بـ«الصدّيق» إذاً، وتنتقم المحطة لنفسها من الرجل الذي رمى ثلاثة زملاء في السجن بعد اتخاذه صفة الادعاء الشخصي عليهم؟ ليست هذه كل الأسئلة التي يمكنك أن تطرحها عن تلك الحلقة، لكنها الأهم... وخصوصاً أن الزملاء مسجونون بتهمة «السرقة الموصوفة»، وليس أي تهمة أخرى لها علاقة بالمهنة. هكذا، تتابع الحلقة وأنت تنتظر الانتقام الذي... لم يأتِ.
تجد نفسك سريعاً أمام عمل صحافي وحسب: لا أحكام مسبقة ولا محاولات لبرهنة «حقائق» مسلّم بها. فراس وعبد ومحمد في سوريا يسألون عن محمد زهير الصديق في الحي الذي أقام فيه، ولدى أفراد عائلته. ثم ينتقلون للقاء السيدة التي عملت معه وعرفته باسم زين. يحاول فراس ربط القصص لرسم سيناريو نهائي عن شخصية هذا الرجل، ولا سيّما ما يتعلق بيوم 14 شباط (فبراير) 2005. إذ يؤكد جميع من شملهم التحقيق أن الصدّيق كان موجوداً في سوريا ذلك اليوم، في حين تقوم إفادته لدى المحكمة الدولية على رواية تفاصيل حادثة 14 شباط 2005، يوم اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
يصفه ابنه حسّان الذي لم يذهب معه إلى فرنسا، بالـ «نصّاب»، فيما يؤكد شقيقه عماد أنه كان بحاجة ماسّة إلى المال والعمل، لذا سافر في البداية إلى السعودية قبل أن «يضرب ضربته» ويغادر مباشرة إلى فرنسا.
عندئذ، تعود الأسئلة الأخرى إلى الذهن: لماذا سّهلت السلطات السورية إجراء المقابلات، ثم عادت وطلبت التحفظ عمّا لم يرق لمدير الأخبار في التلفزيون السوري؟ لماذا وافق عماد الصدّيق على الإدلاء بحديث؟ لماذا حاول استدراج شقيقه وربما توريطه عبر الاتصال الهاتفي؟ ولماذا لم يتورّط وصبّ الاتصال في مصلحته؟ تكتشف خلال متابعتك، أنك تجاوزت السؤال عن السماح ببث اتصال هاتفي لم يتم استئذان صاحبه مسبقاً. وهو سؤال في أخلاقيات المهنة لا يختلف كثيراً عن الإشكالية التي رافقت دخول فراس وعبد ومحمد إلى بيت الصدّيق في خلدة.
لقد كنّا أمس كمشاهدين أمام حدث إعلامي. كان عملاً استقصائياً قادراً على ايصال حقيقة مختلفة إلى الناس بعيداً من الشائعات أو الإطلالات الإعلامية الزائفة. حدث كان يمكنه أن يكون أهم لو أتيحت لفراس فرصة إكماله حتى النهاية. هذا على الأقل ما كانت تتمناه زميلته كلارا جحا التي نابت عن فراس في قراءة النص الذي أنهاه قبل يوم من توقيفه. تقول: «كش ملك من حلقتين فقط، والحلقة الثانية من بيروت وخلدة. كان يمكن أن يكون أكثر لو لم يتم توقيف فراس». فراس حزين لأنه ليس هو من وضع اللمسات الأخيرة على عمل يرى أنه «كلّ ما يملك» كما قال لزميلته خلال زيارتها له في سجنه الأسبوع الماضي.

ينظّم new tv عند الواحدة ظهر اليوم اعتصاماً تصامنياً أمام مبنى وزاة الإعلام، في مناسبة مرور شهر على اعتقال حاطوم وزميليه.