خالد صاغيّة
منذ اندلاع الأزمة الحالية بين السلطة والمعارضة، لا يكاد يمرّ يوم من دون أن نقرأ أو نسمع عبارة «المملكة العربية السعودية تقف على مسافة واحدة من الجميع». حتّى بات كلّ مواطن لبناني يتمشّى على الرصيف، يظنّ أنّ السفير عبد العزيز الخوجة يقف بينه وبين المواطن الآخر الذي يتمشّى على الرصيف نفسه. يقف الخوجة بينهما، وبيده ماسورة يقيس بها المسافة التي تفصله عن مواطن وآخر.
والواقع أنّ من يراجع تاريخ تدخّل المملكة في لبنان والمنطقة، يكفيه أن يعلم أنّ السعودية تقف إلى جانب فريق لبنانيّ واحد، حتّى يشعر بـ«النقزة». فما بالك إذا علم أنّ المملكة تقف إلى جانب الأطراف كلها. أنا، شخصياً، كمواطن، يسرّني أن أعلم أنّ السيّد الخوجة لا يقف على مسافة قريبة منّي، مع احترامي الكليّ لشخصه الكريم. فليأخذ راحته، وليبتعد قدر ما يشاء باتّجاه أفراد آخرين وجماعات أخرى.
لكنّ ماسورة الخوجة مصرّة على أداء دورها. و«حزب الله» يبدو سعيداً باعتبار تصريح «المغامرات غير المحسوبة» زلّة لسان، وعلى التيار الوطني الحرّ ألا يفتح ملفّات قديمة مثل محضر سعود الفيصل ــ بيكر الشهير الذي مهّد لنفي العماد عون. فأمر اليوم هو الترحيب بالدور السعودي «الحيادي» وغير المرتبط بالرغبات الأميركيّة. ذلك أنّ القيّمين على الوهابيّة يقودون اليوم محور «الاعتدال العربيّ». وهو اعتدال يصبح معه مشروعاً السؤال عن معنى التطرّف.