كامل جابر
لم يجد الجنود الإيطاليون العاملون في قوات “اليونيفيل” بداً من اعتماد شخصيتي “بابوش” و “دورا” الشهيرتين والمحببتين إلى قلوب الأطفال، لتحذريهم من مئات الآلاف من الألغام والقنابل العنقودية التي خلفها العدوان الإسرائيلي على لبنان لتوقع الأطفال وذويهم ضحاياها، قتلى أو مصابين، جراء انفجارها في الحقول وعلى الدروب الوعرة. وهذا الأسلوب في التحذير، نقلته وحدة الخدمات الإنسانية في الكتيبة الإيطالية المشاركة في “اليونيفيل” المنتشرة جنوبي الليطاني، أمس، إلى تلامذة مدرسة المنصوري جنوبي مدينة صور معتمدة على شخصيتي بابوش ودورا اللذين أرادا التنزه عند تخوم قريتهما فوقع أحدهما في المحذور مصاباً بانفجار لغم.
وقفت باميلا الجندية الإيطالية تحمل دمية بابوش الذي لُفت قدمه بالجبص بعد إصابته بلغم أرضي، لتروي القصة المصورة على الأطفال التلامذة، فيما تولى جنديان آخران عملية استعراض الصور والرسوم، وكذلك صور الألغام وشارات التحذير.
تسرد باميلا القصة بشغف معتمدة أسلوب الترغيب والتنبيه في آن معاً، بعدما أغفل بابوش نصيحة والدته وسلك طريق الحقول ليصل أسرع من شقيقه، بدلاً من الاعتماد على الطرقات المعبدة والمكشوفة؛ ليدوس لغماً أصابه بجروح، فتراكض رفاقه لإنقاذه، ولأنه أدرك الخطر المحدق، طلب منهم عدم الاقتراب، لكي لا يكونوا هم أيضاً ضحايا الألغام، وطلب إليهم الاتصال بذويه. وذووه في القصة هم من الجيش اللبناني أو جنود اليونيفيل العاملين على إزالة الألغام، وهم يدركون مخاطر عملهم.
وتطرح الشخصيتان سلسلة من الأسئلة المعرفية على الأطفال الذين توقفوا على أخطاء بابوش، منها: عدم سماع كلام والدته وتحذيراتها مثل دورا؛ وعدم اكتراثه لشارات التحذير. تنتهي القصة برسم شارة تحذير من أحد التلامذة وسط تصفيق حاد من رفاقه وعناصر اليونيفيل الإيطاليين، الذين وزعوا على الصغار حلوى وبسكويت وقصصاً عن بابوش ودورا، تحتاج إلى تلوين والإجابة عن أسئلة عن الألغام وشارات التحذير.
وقد اختار “الطليان” تمثيل القصة أمام الأطفال، حتى لا يحملوا أمامهم ألغاماً قد تحفزهم هم على حملها.
وقام فريق من وحدة الخدمات الإنسانية بقيادة العقيد الركن دي جورجيو بتنظيم نشاطين لاصفيين لستين تلميذاً وتلميذة من مدرسة المنصوري الرسمية. ووصف الناطق الرسمي باسم الوحدة الإيطالية الكابتن ماجستريتي هذا النشاط “بالضروري والهادف إلى توعية التلامذة على مخاطر الألغام والقنابل العنقودية، لأن الأطفال عرضة أكثر من غيرهم لهذه المخاطر”.
وأضاف: “علينا واجب إنساني تجاه الأهالي في هذه المنطقة؛ وسنقوم بأداء هذا الواجب في أكثر من مدرسة في الجنوب. كنا قد بدأنا الأسبوع الفائت بنشاط مماثل في مدرسة معركة، واليوم هنا، وغداً في مدارس أخرى ونحن لدينا برنامجنا في هذا السياق”.
ورحب نائب رئيس بلدية المنصوري نزيه مديحلي “بأي خطوة إنسانية تقوم بها القوات الدولية لتسهم في خدمة أهلنا بعد فترات مضنية”، مبدياً استعداد المجلس البلدي “للتعاون المطلق مع اليونيفيل، وخصوصاً الوحدة الإيطالية، في كل ما تقوم به من أعمال إنسانية”.