جوانّا عازار
المساء وقت العزف، يلتمّ الأهل والأصدقاء حول الأخوين جوزيف وجهاد كريم ليستمتعا بموسيقى العود والطبلة.
الشابان من مدينة جبيل فقد كل منهما بصره وهو في التاسعة من العمر، لكنّ ذلك لم يثنهما عن تحقيق أحلامهما.
جهاد (32 سنة) أوّل كفيف ينال شهادة في علوم الكمبيوتر من الجامعة اللبنانيّة الأميركيّة في جبيل وأتمّ بتفوّق فترة تدريبه في شركة “مايكروسوفت” على البرامج الخاصّة بالمكفوفين.
تخرّج جهاد في تموز 2002، وخضع لامتحان في مجلس الخدمة المدنيّة واحتلّ المركز الأوّل بين 24 شخصاً، فأصبح نتيجة لذلك مسؤولاً عن الشبكة والاتّصالات في برنامج تأمين حقوق المعاقين في وزارة الشؤون الاجتـــماعيّة منذ تـــــشرين الأوّل 2004.
يأخذ الكمبيوتر كلّ وقت جهاد يطّلع من خلاله على الصحف، ويقرأ الكتب، ويستمع الى الموسيقى... وهو بوابته الى العالم. والعود هو أيضاً نافذة جميلة يطل منها على مباهج الحياة في أوقات فراغه، هو الذي تعلّم العزف لمدّة أربع سنوات، فكان يسجّل النوتات على أشرطة كاسيت ويحفظها بهذه الطريقة. وعزف جهاد مع فرقة ليالي الشرق لمدّة سنتين تقريباً، وجال مع أفرادها في مناطق لبنانيّة عدّة.
الأخ الأصغر جوزيف (26 سنة)، وهو أيضاً فاقد البصر ولكن وضعه مختلف. ترك جوزيف الملقّب بـ“أبو ليلة” المدرسة في عمر 15 سنة “منطلقاً الى مدرسة الحياة” حسب قوله. تعلّم العزف على الطبلة في معهد خاصّ بعدما رُفض طلب الانتساب الذي تقدم به إلى الكونسرفاتوار الوطني ثلاث مرات. سنوات الـــدراسة الستّ أنهاهــــا جوزيف في سنة واحدة لأنه كان يعزف قبل الدخول الى المعهد، إلا أنّه أراد تعلّم التقنيّات بعمق أكثر، وشعر بأنه يؤدي ما يحبه وهو يعزف على الطبلة، وقد شارك في إحياء حفلات متفرّقة. وهو يقول انّ الطبلة هي “صاحبته”، ويشعر بالضياع إذا ابتعد عنها، وهو يمضي برفقتها ساعة أو ساعتين كل يوم.
جوزيف “مولع بالموسيقى” على حدّ تعبيره وهو يمضي وقته بالاستماع إليها، وقد سجل نحو 8000 أغنية على جهاز الكمبيوتر الخاصّ به، تتنوّع بين التراث اللبناني، والتراث السوري، والأغاني الأجنبيّة.
وأتيحت له فرصة إعداد وتقديم برنامج باسم “متلك بالانسانيّة” على إذاعة راديو بيبلوس، عرض خلال 16 حلقة منه نشاطات المعاقين وإنجازاتهم.
يتفرغ جوزيف حالياً لمشروعه الأبرز فيحفظ قصائد باللهجة اللبنانيّة ويسجّلها على أقراص مدمجة لتنتشر في لبنان والعالم. ويريد جوزيف تحقيق هذا المشروع على رغم كلّ الصعوبات المادية والعملية التي يواجهها، وهو يخطّط لإقامة أمسيات يقدم خلالها القصائد التي حفظها. ويبقى حلمه أن يجد وظيفة في مجال العزف مع أيّ مطرب يحيي الكثير من الحفلات، وأن يلتقي “بنت الحلال” للزواج وأن يقود طائرة بعدما قاد سيّارة وباصاً وكميوناً.