رام الله ــ يوسف الشايب
يبدو أن معاناة الصحافيين في غزة مع السلطة الفلسطينية (راجع «الأخبار» العدد 130)، لن تنتهي. وها هم مراسلو قناة «العربية» في القطاع، يعيشون ضغطاً نفسياً بعد تلقيهم تهديدات بالقتل من مجهولين، بسبب بثّ القناة السعودية تسجيلاً منسوباً إلى رئيس الوزراء الفلسطيني، إسماعيل هنية، قبل يومين، في برنامجها الإخباري «آخر ساعة». وفي حين تناقلت وسائل الإعلام الخبر والبيان الاستنكاري الذي أصدرته القناة على موقعها، متهمةً فيه مسلّحين من حركة حماس بتهديد حياة موظفيها في الأراضي الفلسطينية، أكد عدد من الإعلاميين الفلسطينيين أن التسجيل الصوتي متداول منذ 11 من الشهر الجاري. ويتحدث هنية في الشريط إلى أحد وزراء حكومته في الاجتماع الأسبوعي للحكومة، في غزة، في 10 من الشهر الجاري، رداً على استفسار حول الشروط المقدمة على منح أموال للحكومة: «حتى لو ربنا بدو يشترط علينا شيء حنرفض»، وهو ما رآه بعضهم تطاولاً على الذات الإلهية.
وبدأ التسجيل (مدته دقيقتان)، بدعوة هنية الإعلاميين الى حضور الاجتماع ليقدم لهم هدايا جلبها خصيصاً معه من الحج. إلا أن أياً من وسائل الإعلام الفلسطينية لم يجرؤ على بثه خشية ردود الفعل الغاضبة لحماس وأنصارها، وخصوصاً في غزة.
من جهتها، أكدت حماس أن المادة الواردة في الشريط مجتزأة من حديث لرئيس الوزراء مع مستشاريه، رداً على ما ورد على لسان عزّام الأحمد، رئيس كتلة فتح البرلمانية، في مقابلة تلفزيونية مع قناة «المنار». وأشار غازي حمد، الناطق باسم الحكومة، إلى انه حذر «العربية» من نشر الخبر وتداعياته، عقب اتصال هاتفي من القناة طلبت فيه منه التعليق على الخبر الذي بثه موقع «فلسطين برس». وأوضح: «حذرنا القناة من تبعات نشر الخبر لما ينطوي عليه من إساءة واضحة لرئيس الوزراء. حتى إن مدير مكتب «العربية» في غزة نقل إلى المسؤولين في دبي موقفنا، وطلب منهم وقف بث الخبر، إلا أنهم أصرّوا على ذلك، وأذيع كخبر أول في النشرة» .
ورأى حمد أن موقف قناة «العربية» بمثابة إساءة متعمدة ضد هنية، بهدف التشهير به والنيل من شخصيته ومكانته. وقال إن الحكومة قررت مقاطعة قناة العربية ومقاضاتها.
إلا أن نبيل الخطيب، مدير القناة في دبي، أوضح: «عندما سمعت الشريط، اتصلت بالناطق باسم الحكومة غازي حمد، وطلبت منه أن يعلق على المسألة. وبعدما وافق حمد على التعليق، عاد ورفض أن يظهر في البرنامج، ولم يقل لنا إنه ينطوي على إساءة لرئيس الوزراء. بعدها، اتصلنا بمستشار هنية، أحمد يوسف الذي أبدى استعداده للظهور في البرنامج، موضحاً أن رئيس الوزراء «ردد عبارة استخدمها عزام الأحمد في برنامج شاركنا فيه معاً على شاشة «المنار»، فظهرت في الشريط المجتزأ كأنه هو من يقولها».
وأوضح الخطيب، وهو صحافي فلسطيني أن المعالجة الإعلامية للخبر اتسمت بحيادية تامة. وبعدما بثّ الخبر، اتصل غازي حمد، وبدأ يهدد بالملاحقة القضائية، وإغلاق مكتبنا في غزة، معتبراً أن بث الشريط إساءة لرئيس الوزراء». وأشار إلى أنه أجرى اتصالات مكثفة مع قيادة حماس في سوريا لتوضيح الأمر، وتلقى وعداً من القياديين هناك بتسويته سريعاً. كما أعلن أنهم يحاولون إجراء مقابلة مع رئيس الوزراء على قناة «العربية»، وهو ما يضمن انتهاء التحريض الموجه ضد القناة وضد الزملاء في غزة. وفي ما يتعلق بتقديم اعتذار للحكومة، قال الخطيب: «نحن لم نخطئ حتى نعتذر»، مؤكداً استعداد «العربية» للمواجهة القضائية إذا قررت الحكومة الفلسطينية ذلك».