لم تظهر إسرائيل في الدراما السورية إلا في السنوات الأخيرة. في “التغريبة الفلسطينية” (2004)، يستحضر المخرج حاتم علي، صورتها، من خلال مشاهد النزوح الفلسطيني إثر نكبة 1948، والتواطؤ البريطاني الصهيوني على السكان الأصليين. سوف تبقى فلسطين حاضرة في الذاكرة الجماعية للفلسطينيين على رغم ابتعادهم عن مكانهم الأول. وما اسم “التغريبة” إلا دلالة على العودة باتجاه البلاد المنكوبة. تكررت الصورة مرة أخرى على نحو أكثر وضوحاً ومواجهة بين طرفي الصراع في “عائد إلى حيفا” ( 2005)، للمخرج باسل الخطيب، عن رواية للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني الذي أرّخ الألم الفلسطيني على خلفية سقوط مدينة حيفا في عام 1948، على يد العصابات الصهيونية. الحكاية مزدوجة ومؤلمة، عندما تعكس مرآة الأحداث صورتين متناقضتين إلى درجة الفضيحة: الأستاذ سعيد وزوجته (سلوم حداد ونورمان أسعد)، يغادران منزلهما في حيفا على عجل، تحت وابل من رصاص اليهود. ولن تتمكن الزوجة من اصطحاب طفلها الرضيع خلدون. البيت الذي شهد ذكرياتهما وحياتهما، سيحتله يهوديان مهاجران. وستكون هديتهما من الوكالة اليهودية: “الطفل خلدون”. لكنه منذ هذه اللحظة، سيصبح باسم آخر “دوف”، وسينتسب لاحقاً إلى الجيش الإسرائيلي، ليأخذ الصراع بعداً آخر أكثر تراجيدية في مأساة مستمرة. حين يتمكن الأب والأم من العودة إلى حيفا، لن يتعرف إليهما الابن “الإسرائيلي”، وسيخرجان من البيت خائبين. “عائد إلى حيفا” ليس مجرد حكاية عائلة فلسطينية منكوبة، لكنه حكاية بلاد محتلة، وذاكرة قابلة للمحو، تحت سطوة آلة الدعاية الصهيونية، فنهاية الصراع لم تعد تتعلق باستعادة الأرض، بل باستعادة الذاكرة، بعد نصف قرن على استباحتها.المخرج هيثم حقي التقط فكرة أعمق عن تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. ففي مسلسله “ردم الأساطير” (بطولة خالد تاجا، وسلاف فواخرجي، وتيم حسن)، ذهب إلى منطقة الصراع الحضاري. إذ تجري الأحداث في مطلع الثمانينيات، ورصد محاولات إسرائيل تحريف مكتشفات مملكة ايبلا في الشمال السوري، لإثبات الأسطورة التوراتية في المنطقة العربية. وقبل أيام، بدأ المخرج التونسي شوقي الماجري تصوير مسلسل “الاجتياح” الذي يتناول مجازر الإسرائيليين في قطاع غزة. ومن المتوقع أن يعرض في رمضان المقبل.
خليل...