الجزائر ــ إسماعيل طلاي
“أم بي سي” و“روتانا” من السعودية، “ال بي سي” من لبنان، و“نسمة تي في” من تونس... المعركة الفنية في المغرب العربي تشتدّ ضراوة، والبداية مع “ستار أكاديمي المغرب” الذي ينطلق في الأول من الشهر المقبل

فيما يحاول “ستار اكاديمي” في نسخته اللبنانية أن يبقي التوتر الأمني والسياسي الذي تعيشه البلاد بعيداً من الأسوار الأكاديمية قدر الإمكان، يشهد مجمع “قروي آند قروي” في العاصمة الجزائرية، نشاطاً غير مسبوق، تمهيداً لانطلاق النسخة المغاربية من البرنامج الشهير بداية الشهر المقبل.
وقد بدأت رحلات السفر المكثّفة بين الجزائر والمغرب وتونس وليبيا، بغية التحضير لانتقال الطلاب الـ 14 إلى “دار الأكاديمية”، كما اتفق على تسميتها، على اعتبار أن “الدار” هي الكلمة الرائجة في اللهجات العامية المغربية والجزائرية والتونسية والليبية. وفي اتصال مع “الأخبار”، أشارت مريم بزازي، المسؤولة الإعلامية في البرنامج، إلى أن الدار شيّدت على مساحة 9 آلاف متر مربع تقريباً. وهي تقع في مدينة رادس، البعيدة قرابة الـ 20 كيلومتراً عن العاصمة التونسية. وستحاط أسوار الأكاديمية بحراسة أمنية مشددة طوال الـ 14 أسبوعاً التي سيمكث خلالها الأكاديميون داخل “الداروبعد التصفيات، اختارت إدارة «ستار أكاديمي المغرب» والمنتجة جنان ملاط 14 مرشحاً، (4 مغاربة، 4 جزائريين، ليبي، و5 تونسيين)، تتراوح أعمارهم بين 18 و28 عاماً. أما موريتانيا، فستغيب عن التظاهرة، بعدما اعتبر القيمون على البرنامج عدم تصنيفها في خانة دول المغرب العربي.
وقد نجحت إدارة “قروي آند قروي” في فرض رقابة مشددة، ومنعت تسريب المعلومات للصحافة. وأكدت بزازي أنه وقِّع اتفاق تعاون مع إدارة “ستار أكاديمي” فرنسا، وأن السيدة آليكسيا لاروش جوبر، مديرة النسخة الفرنسية، تتولى برفقة فريقها تدريب المشرفين على الطبعة المغاربية في تونس.
وإذا كان اختيار تونس لاحتضان دار الأكاديمية متوقعاً، لأن منظم التظاهرة تونسي، فقد اختيرت أغنية من التراث المغربي لتكون “النشيد الرسمي” لستار أكاديمي المغاربية، على أن يكشف عن اسمها في الأسبوع الأول من الشهر المقبل.
وستعقد إدارة البرنامج في الثلاثين من الشهر الجاري، ندوة صحافية في الجزائر، لتقديم التونسية خديجة لمكشر (مخرجة سينمائية)، مديرة للدار. وكانت الإدارة قد قدمتها سابقاً لوسائل الإعلام التونسية في لقاء أقيم قبل أيام في تونس.
وعزت بزازي اختيار خديجة لمكشر إلى أن المرأة، بطبيعتها، قادرة على تفهّم الوضع النفسي الصعب الذي سيعيشه الأكاديميون، في فترة العزلة والضغط النفسي والتحدي.
وكانت خديجة لمكشر، وهي خريجة معهد “الكونسرفاتوار” في تونس، قد عملت مساعد مخرج أول مع نوري بوزيد في فيلم “بنت فاميليا”، ومع المخرج محمود بن محمود في فيلم “قوايل الرمان”. كما شاركت في إخراج كليبات عدة للمغنية التونسية لطيفة رأفت.
وعلمت بزازي أن إدارة الأكاديمية لم تختر بعد مقدم البرنامج، علماً بأن المنافسة باتت محصورة بين ثلاثة مذيعين، بينهم المغربي عماد النتيفي، نجم قناة ( 2M) المغربية، والجزائري نافع الجندي. وقد قررت “قروي آند قروي” التي اشترت حقوق بث “ستار أكاديمي” من شركة “آنديمول” الهولندية “إقامة التوازن”. وبعد استضافة تونس لهذه الدار، واختيار أغنية مغربية نشيداً رسمياً، قررت الإدارة أن يقدم البرنامج مذيع جزائري أو مغربي.
بين بيروت والجزائر
وسط كل هذه التحضيرات، يبدو أن “أل بي سي” بدأت تشعر بالخطر الآتي من المغرب. وهي قد لا تكون صدفة أن يحلّ الشاب فوديل، أحد رموز الأغنية المغاربية الشبابية، ضيفاً على سهرة هذا المساء من “ستار اكاديمي”، وأن يكون بين المرشحين للخروج من الأكاديمية فتاة مغربية هي إيمان مولابي. أضف إلى ذلك أن القناة التي نجحت في السنوات الثلاث الأخيرة في تسجيل أعلى نسبة مشاهدة من خلال برنامج “ستار اكاديمي”، قدمت هذا العام حيزاً أساسياً من سهراتها للفن المغاربي. يذكر أن ضيوف سهرة هذا المساء هم المغني فوديل والفنانين اللبنانيين آدم وسيرين عبد النور. أما النومينيز فهم سالي أحمد من مصر، إيمان مولابي من المغرب، وداني شمعون من بيروت.
معركة فنية؟
وبعيداً من الأكاديمية، فاجأت “أم بي سي” السعودية الجميع بإعلان “مغر” لاستقطاب المواهب الفنية الشابة في المغرب العربي لتحقيق حلمها في برنامج جديد. قد يكون البرنامج “سهم حرب” تطلقه القناة في معركة حامية، ستدور رحاها في عام 2007 بين قنوات “نسمة تي في” التونسية (الخاصة بالدار)، و“أل بي سي” اللبنانية، و“أم بي سي” السعودية لتقاسم “غنائم المواهب الفنية الشابة”!
وعلى رغم أن البرنامج الجديد موجه أيضاً لكل المواهب الشبابية في الشرق الأوسط، فإنها المرة الأولى التي توجه فضائية عربية (مقرها خارج المغرب العربي)، إعلاناً خاصاً للشباب المغرب العربي.
وبعدما دخلت القناة السعودية المنطقة عبر بوابة “أم بي سي المغرب العربي”، باتت أكثر إصراراً على فرض حضورها على المنطقة، وخصوصاً انها لمست تجاوباً مع برامجها، ولعلّ أبرزها “التحدي”.
لكن “نسمة تي في” أعلنت أنها ستكون قناة مغاربية خالصة، تبثّ فقط أغاني محلية، ولن تسمح للفنانين المصريين أو اللبنانيين أو الخليجيين ببث أغانيهم في القناة أو المشاركة في سهرات “ستار أكاديمي” المغاربية، إلا في حال أدوا قصيدة أو أغنية من التراث المغاربي. كما أعلنت المحطة أنها ستدخل في عام 2008 ميدان المنافسة على الرياضة أيضاً، في محاولة لكسر “الاحتكار” الذي تفرضه قنوات “آي آر تي” السعودية.
وبعدما ظلّت شركة “روتانا” السعودية لسنوات تفرض هيمنتها على خريطة الغناء العربي، قررت “قروي موسيقى”، أن تدخل المنافسة. ونجحت حتى الآن في توقيع عشرات العقود مع فنانين مغاربة لاحتكار انتاجاتهم وأصواتهم، الأمر الذي دفع “روتانا” للتحرك العاجل ومحاولة تدارك الانهيار الذي يهدد “عرشها”. لذا، وقّعت اتفاقية تعاون مع شركة “كاديك” الجزائرية لتوزيع إنتاجات “روتانا” في المغرب العربي، وتسجيل ألبومات غنائية لفناني المنطقة. وإذا بات مؤكداً أن المغرب العربي سيكون ميداناً لمعركة فنية “حامية الوطيس” ابتداء من سنة 2007، فالأهم: هل سيكون التنافس في خدمة شباب المنطقة وثقافتها وعاداتها وتقاليدها، و“فك عزلة” دامت طويلاً بين المغرب العربي ومشرقه؟ أم أن “الشرخ” سيزداد عمقاً، فيكون لكل منطقة عربية قنوات تهتم بها دون غيرها؟