مهى زراقط
ماذا حصل أمس في جامعة بيروت العربية ومحيطها؟
سؤال لم ننجح حتى كتابة هذه السطور في معرفة إجابته، على رغم انشغال مختلف وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية بنقل تطورات الإشكال الذي بدأ في الجامعة العربية في بيروت وانتشر في أحياء مختلفة في العاصمة.
تقول مراسلة «الجزيرة» بشرى عبد الصمد إن الحادث وقع قبل ساعتين.. أو ربما ثلاث... و“يفترض” مراسل «العربية» أن تلاسناً حصل بين طالبين الأول من المعارضة والثاني من الموالاة وتطور الأمر إلى اشتباك بالأيدي ثم انتقل إلى خارج الحرم الجامعي. ونسمع من الإعلاميين الموجودين في استديوهات محطاتهم تعابير مشكّكة بالمعلومة التي ستذاع: «على ذمة الراوي»، «أعلنت وكالة رويترز على ما أذكر»، «ربما كانت إحدى الوكالات هي من أورد ذلك»، «عدد الجرحى 20 أو أكثر»... كانت BBC الوحيدة التي أعلنت في وقت مبكر مقتل مناصر للمعارضة اللبنانية. فيما تحدثت «العربية» عن قتيلين قبل أي إعلان رسمي عن وجود قتلى في الاشتباكات.
هكذا عاش الإعلام بلبلة لا تقل عن البلبلة التي عاشها اللبنانيون أمس ولا سيما المواطنين الموجودين في المكان الذي حصلت فيه المواجهات. صوت مراسلة «تلفزيون الجديد» نانسي السبع كان مرتجفاً خلال تغطيتها وهي كانت أول الواصلين إلى المكان. وكرر مراسل «أل بي سي» عبدو الحلو القول إن الجيش اللبناني نصح الإعلاميين بمغادرة المكان مطلقاً على منطقة الكولا اسم «كوكا كولا». فيما تحدث مراسل “الجزيرة” عباس ناصر عن مشكلة «الرصاص المجهول». وكان مدير مكتب الجزيرة غسان بن جدو قد تحدث عن مشاهدة قناصين على سطوح البنايات مفترضاً وجود طرف ثالث.
هذه البلبلة تفترض نوعاً مما يسمى إعلام «الأزمة». الذي يفترض في حال الانقسام الأهلي نوعاً من الوعي في توجيه الخطاب الإعلامي ولا سيما أن العمل على إذكاء الفتنة بين اللبنانيين لم يعد مجرد محاولات. وأن تعليقات السياسيين الداعية إلى الخروج من الشارع تأخرت كثيراً. ويمكن القول إن هذا الوعي تجسّد لدى معظم محطات التلفزة سواء في اختيار التعابير والمصطلحات المناسبة أو في التعاون الذي حصل في ما بينها في نقل الصور. ويمكن الإشارة إلى المصطلح الذي اعتمدته نانسي السبع في الحديث عمن يقومون بالأعمال التخريبية من الطرفين: “المشاغبون” وهو مصطلح يبتعد عن أي احتمال للتوظيف السياسي قبل معرفة ملابسات الاشتباك.
غير أن اللافت في التغطية الإعلامية التي حصلت أمس كان صمت «المنار» وعدم تعليقها على الحادث إلا في نشرتها الإخبارية متهمة «ميليشيا تيار المستقبل» بمحاصرة الجامعة العربية وإطلاق النار على طلاب المعارضة. أما تلفزيون “المستقبل” فقطع لدقائق تغطيته المباشرة لوقائع مؤتمر باريس ـــ 3 وتحدث عن «قيام مناصري قوى الانقلاب بالاعتداء على الحرم الجامعي». وعاد بعد انتهاء النقل المباشر إلى التغطية المباشرة من «طريق الجديدة». وكان «المستقبل» الوحيد الذي سمى منطقة الاشتباكات بهذا الاسم. إذ سجل الشريط الإخباري على مختلف الشاشات «إشكالاً في الجامعة العربية». «أن بي أن» اتهمت بدورها «ميليشيات السلطة» بالتعدي على طلاب المعارضة.