محمد محمود
بعد النقد الذي طال فيلم “عايز حقي” بسبب مضمونه السياسي، وأثّر في حجم إيراداته، قرر هاني رمزي العودة إلى الكوميديا. اختار “أبو العربي”، الشخصية الشعبية الشهيرة التي لم تحظ سابقاً بأدوار البطولة السينمائية، وإن كانت الأكثر حضوراً في نكات و“قفشات” المصريين، بعد أهل الصعيد.
لكن الابتعاد عن السياسة لم يكن كافياً لتلافي “وجع القلب”، إذ فوجئت أسرة فيلم “السيد أبو العربي وصل” بهجوم عنيف من بعض مسؤولي محافظة بورسعيد حيث يحمل مواطنوها لقب “أبو العربي”. ووصل الهجوم إلى حدّ اتهام العمل بتشويه الشخصية البورسعيدية، ومطالبة محافظ المنطقة بمنع عرضه. وكانت سابقة أن يمنع فيها عرض الفيلم في محافظة واحدة، فيما أجازت الرقابة عرضه على باقي الشاشات المصرية. وسرعان ما انتهت الأزمة على خير، واحتضنت صالات بورسعيد الفيلم.
لم يقدم “أبو العربي وصل” الذي يعرض هذا المساء للمرة الأولى، والذي حمل توقيع مدير التصوير محسن أحمد في أولى تجاربه الإخراجية، أي جديد في المضمون. اعتمد فقط على تركيبة هذه الشخصية المعروفة بالمبالغة في ردة الفعل، واختلاق الأكاذيب لجذب الأضواء. وهكذا، لم يكلّف المؤلف طارق عبد الجليل نفسه عناء كتابة سيناريو مترابط، بل اكتفى بتحويل عدد من النكات الشائعة إلى مشاهد سينمائية. إلا أن الفيلم، والحقّ يقال، عرف كيف ينقل صورة حقيقية عن معاناة سكان بورسعيد، هذه المدينة التي اشتهرت بسوقها الحرة، والتي شكّلت بوابة لدخول السلع المستوردة بأقلّ الأسعار إلى مصر. وكانت هذه السوق قد ظهرت على شاشة السينما في الأفلام التي تناولت عصابات التهريب. لكن لا أحد ركز على شخصية أبو العربي نفسه وطريقة كلامه المميزة... وبعد عرض سريع للأزمة الاقتصادية التي تعيشها مدينة أدت دوراً أساسياً خلال فترة العدوان الثلاثي عام 1956، غرق الفيلم سريعاً في «الكليشيهات» التي يتحول خلالها رجل فقير إلى شخصية ثرية ذات نفوذ، بين ليلة وضحاها. هاني رمزي الذي فشل في التجارة بعدما أصدرت الدولة سلسلة قرارات شلّت الحركة الاقتصادية في المدينة، قرر أن يهاجر في شكل غير شرعي إلى اليونان. ترك المدينة، وأدار ظهره للفقر ولحبيبة (منة شلبي)، وصديق (طلعت زكريا)، وعدو طالما تربصّ له (صلاح عبد الله). وبعدما كاد يموت غرقاً خلال الرحلة، يلتقي صدفة بفتاة من أصل مصري، تقع في حبه، وتعرّفه إلى والدها، رجل أعمال يثق به ويوكل إليه مهمة إدارة أعماله. بعدها، يعود أبو العربي إلى بورسعيد، شخصاً ثرياً ينتقم من أعدائه ويستعيد حبيبة، كانت تستعد للزواج من شخص لا تحبه. وفيما توقع أهل المدينة ارتباط “أبو العربي” بصديقته الأجنبية، فاجأت هذه الأخيرة الجميع في نهاية الفيلم، بارتدائها بذلة رقص، وتهنئة العروسين على طريقتها. يذكر أن الممثلة التي أدت دور الصديقة الأجنبية، هي ليلي، الفتاة الأميركية التي تعلمت الرقص الشرقي وقصدت مصر لممارسة هوايتها.

التاسعة والنصف على شاشة “روتانا سينما”