ليال حداد
يقف رجل ستيني قرب أحد المطاعم في شارع الحمرا، يحاول أن يقرأ اسم المحل لكنه يعجز. يسأل احد المارة عن الاسم فإذا بالشاب يجيبه “كعكاية”. هذا العجوز ليس أمياً لكنه لا يعرف الطريقة التي استحدثها اللبنانيون الشبان في كتابة العربية بلغة جديدة من الأحرف اللاتينية والأرقام، وهي مستوحاة من لغة الانترنت وأحاديث الـ“ام.اس.ان” وغرف المحادثة. فمثلاً مطعم “كعكاية” يُكتب ka3kaya.
على طول شوارع بيروت وضواحيها يصادف المرء أفراناً ومطاعم ومحال تجارية تتبع الاسلوب نفسه في كتابة اسمائها.
ففي منطقة الاشرفية ستجد الشوارع مملوءة بأسماء غريبة مثل مشروحة، وقد استبدل حرف الـ ح بالرقم 7 وهو رمز هذا الحرف بلغة الانترنت. ويقول جوزيف مشنتف (صاحب محال ومطاعم): “ان هذه اللغة هي لغة العصر وعلينا أن نواكب التطور لكي نجذب اكبر عدد ممكن من الزبائن”. ويضيف: “لم يعد الامر فكرة جديدة او مبتكرة، ولا حكراً على مطعم دون آخر، فنجد اليوم أن معظم المطاعم تتبع هذا الاسلوب”.
ومن أشهر المحال التي تتبنى لغة الـ “أم أس أن” مطعما “ع البال كافية” و“ع كيفك” حيث استبدلت العين بالرقم 3. أما في منطقة الجديدة فلن يفاجأ المرء بمطعم “منقوشة” وقد صار اسمه
Man2ousheh
من ناحية اخرى نجد ايضاً مَن رفض أن يستعمل الارقام لاستبدال الاحرف، ومع ذلك اعتمد التسمية العربية بأحرف لاتينية، فنجد مطعم Balilas على اوتوستراد جل الديب ومطعم زعتر وزيت او Zaatar w zeit
ومقهى شيشا في منطقة ساسين في الاشرفية.
ما يحبه أبناء الجيل الشاب وينتهجه لا يعجب كل الناس، فميشال خوري، وهو استاذ سابق للغة العربية، يغضب حين يجد أحرفاً عربية وقد استبدلت بلغة الـ“أم أس أن”، ويقول “تثير غضبي المطاعم والمتاجر التي تستعمل هذا الاسلوب في التسمية، فهذا انتقاص من قيمة اللغة العربية وهي اغنى وأجمل لغة في العالم”. يصمت لبرهة لكي يمتصّ غضبه ويعود ليكمل: “يجب ان تطلق حملات لمكافحة هذه الظاهرة الشاذة، فإذا استمرّ الوضع على ما هو عليه سنخسر اللغة العربية خلال سنوات، وقد سمعت أن بعض الجامعات بدأت تسمح لطلابها بكتابة العربية بأحرف لاتينية واستبدال بعض الأحرف بالأرقام”.
غير أن رأي الشباب لا يتطابق بالضرورة مع رأي خوري.
فيقول جوني مرقس “عندما ارى اسم محل مميزاً ومكتوباً بلغة مختلفة، يجذبني للدخول اليه لأنه يوحي لي بأنه مكان خاص للشباب، وهذا النوع من المطاعم والمقاهي هو ما ابحث عنه انا وكل من هو من جيلي”.
اما اماني حداد فتقول: “ان الاسماء التي كانت تسمى بها المطاعم القديمة لم تعد “دارجة” هذه الايام، وهي لا تشجع على الدخول اليها، أقلّه هذا ما اشعر به انا شخصياً”.