strong>بشير صفير
منع التجوال وحده سيمنع وسام بستاني من إقامة حفلته المقررة مساء اليوم في الجامعة الأميركية. في ظل الأجواء الأمنية المتشنجة في البلاد، قدّم عازف الفلوت اللبناني العالمي أمسية في جامعة البلمند أول من أمس. واليوم يستعيد البرنامج نفسه في قاعة «أسمبلي هول» في بيروت. وأكّد مقربون منه أنّ الحفلة لن تُلغى الا في حال صدور قرار منع التجوال ليلاً في العاصمة. كأن فلوت وسام بستاني تريد أن تتجاوز المحنة، وتدّعي لنفسها ــ منفردة ــ القدرة على مواجهة الفتنة!
يُعدّ وسام بستاني من أهم عازفي آلة الفلوت في العالم. بدأ دراسة أصول العزف عليها في لبنان قبل أن يغادر إلى بريطانيا عام 1977 لمتابعة دراسته. النجاح الذي حقّقه في إتقان العزف على آلته دفعه الى التوجّه إلى أن يكون عازفاً منفرداً، بدل الذوبان في أوركسترا سيمفونية. بعد المرحلة الأكاديمية، جال بستاني العالم من أوروبا الى الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية والولايات المتحدة مقدّماً حفلات كثيرة. لم يهمّش في انتقائه للمقطوعات التي تشارك في أدائها آلة الفلوت بشكل أساسي، أياً من الحقب التاريخية. أبدى اهتماماً خاصاً بموسيقى القرن العشرين والموسيقى المعاصرة، متعاوناً مع المؤلفين الحداثويين أمثال بِيت فورير وطارق يونس وسايمون هولت وبوغوس جلاليان وهتاف خوري وشاون برايسي الذين كتبوا له أعمالاً خاصة.
صدرت لبستاني أربع أسطوانات خاصة. باكورة أعماله Sounds from within (1990) احتوت على مؤلفات من القرن العشرين، إضافة إلى ارتجالات على آلته الفلوت. فيما ضمّ التسجيل الثاني Wandering winds (1998) مقطوعات موسيقية مستوحاة من الفولكلور الشرق أوسطي (الأردن ولبنان)، ومن تراث اليابان وأوروبا وأميركا اللاتينية. أعدّ الفنان مقطوعاته تلك، للفلوت والبيانو، أو الفلوت والهارب (HARPE)، أو الفلوت في عزف منفرد.
في عام 1998، سجّل بستاني أحد أشهر الأعمال الكلاسيكية التي كتبت لآلة الفلوت والاوركسترا، وهي الكونشرتوهات الستة ( 10 op) للمؤلف الايطالي الشهير أنطونيو فيفالدي، أحد أبرز رواد حقبة الباروك. حملت الأسطوانة عنوان Vivaldi’s children، وحوت تسجيلاً مهماً لكونشرتو الفلوت والأوركسترا للمؤلف السوفياتي ــ الأرمني الأصل ــ آرام خاتشاتوريان. والعمل المذكور كُتب في الأصل لآلة الكمان والأوركسترا، وأُعدّت تركيبته الثانية من أحد أهم عازفي الفلوت في القرن العشرين جان - بيار رامبال، بطلب خاص من المؤلف. إلى جانب هذا العمل، احتوت الأسطوانة على عملين للفلوت والأوركسترا: الأول أعطى الأسطوانة عنوانها، وحمل توقيع المؤلف اللبناني هتاف خوري. أما الثاني، فهو للأوكراني المعاصر يفغيني ستانكوفيتش بعنوان «سمفونية الحجرة رقم 3». ورافقت بستاني في المقطوعات الثلاث الأوركسترا السمفونية الأوكرانية بقيادة فلاديمير سيرنكو. وإضافة الى تسجيلاته الخاصة، شارك بستاني في الأسطوانة التي أنتجتها «دويشتيه غراموفون» إحدى أهم الشركات المتخصصة في الموسيقى الكلاسيكية في العالم، وهي عبارة عن تحية للسينمائي السوفياتي الكبير أندريه تاركوفسكي. وكانت الحكومة اللبنانية قد منحت بستاني، عام 1997، وسام الأرز من رتبة فارس، تقديراً لجهوده في مجال الفن.
في حفلة اليوم، سيقدّم بستاني أعمالاً لآلة الفلوت، يرافقه عازف البيانو البريطاني الشاب مراكوس اندروز. وسيكون البرنامج فرنسياً بالإجمال مع السوناتة الثانية لفيليب غوبير (1941 ـــ 1879)، ومتتالية للفلوت والبيانو لشارل ـــ ماري فيدور (1937 ـــ 1744)، وLa flûte de pan لجول موكيه (1946 ـــ 1867) وهو عمل للفلوت والأوركسترا في الأصل، إضافة الى عمل لهتاف خوري بعنوان Après un rêve، وآخر للمؤلف الأوكراني المعاصر يفغيني ستانكوفيتش بعنوان Sonata of serenades.

الثامنة والنصف مساءً في الجامعة الأميركية، «أسمبلي هول» ــــ بيروت