خالد صاغيّة
بالأمس، كان يكــــــــــفي لمـــــــنجّم أن يعتلي الشاشة حتّى يصبح حديث المدينة، ويـثير الذعر بــين أبنائها. اليوم، لم يــــــعد الأمر يحــــــتاج إلـــــــــى منجّم أو مهرّج. كلّ ما تحتاج إلـــــــــيه البلاد حفنة من البالونات. يكـــــــــفي أن يطير بـــــــالون في الــهواء، حــــــــــتّى يشـــــعر الناس بالهلع. الكتابات العبرية أو العربــــــية على البالون ليـــــــست إلا تفــــــــصيلاً. البالون نفسه هو ما يرعبنا. جسم غريب يطير في سماء بلاد غريبة. الــــــــبالون نفسه هو ما يرعبنا. كتلة من الألوان في سماء بلاد رمادية...
ما الذي جـاء بك إلـــــــــينا أيّها البالون؟ لا أطـــــــفال يلهون هنا. ولا طيور تشدو. ولا أعياد للاحتفال. نحن منهمكون هذه الأيّام في التساؤل عن احتمال وقوع حرب أهلية، وعن توقيت حــرب كهذه وشكلها. هل ستكـون حـرب شــــــــوارع، أم حـرب طوابق داخل المبـنى نفسه، أم حــرب شقق على الطابق نــــــــفسه. نـــــتخيّلها هكذا، ببساطة، وهي لا تخـــــــــيفنا. أنت الذي تخيفنا أيّها البالون.
وبالمناسبة، ما حكاية هذا الغاز الذي يقال إنّك تحتويه؟ هل يؤثّر هذا الغاز في الأدرنالين؟ حذارِ انخفاض نسبة الأدرنالين في دمنا. ففي حال حدوث انخفاض كهذا، قد لا نتمكّن من قتل بعضنا بعضاً بالحماسة نفسها. قد تصبح حروبنا بائخة، ولن يسيل فيها دم كثير. وعندها لن يستطيع سمير جعجع استعادة عافيته كاملة، لن يتمكّن من العودة إلى أيّام العزّ.