الجزائر ـــ أبو بكر زمال
حقّق العمل المسرحي المغاربي الأول من نوعه “الحكواتي الأخير”، المبرمج ضمن تظاهرة “الجزائر عاصمة للثقافة العربية ـــ 2007”، نجاحاً كبيراً أعاد الروح الى هذه التظاهرة التي شهدت منذ انطلاقتها “حرباً” إعلامية وانتقادات من العديد من الفاعليات الثقافية، بسبب ما وُصف بالارتجالية وعدم وضوح رؤية المشرفين على الحدث. هذا العمل المشترك الذي كتب نصّه المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد، وأخرجه التونسي المنجي بن إبراهيم، جسّد تلك الرغبة في الفهم الحقيقي لمعنى الوحدة والحوار بين الشعوب العربية كما هي عند المثقفين، بعيداً من كل ما هو سياسي وآني.
“الحكواتي الأخير” قصة المواجهة التي يجد فيها الحكواتي نفسه أمام عالم متغيّر في أفق مجهول المعالم. هو الذي كان يقصّ حكاياته على الناس في الساحة، يكتشف فجأة أنه مختنق ومحاصر بالزحف الأسمنتي. ولم تقتصر اكتشافاته على المكان، بل ازدادت تراجيديةً عندما لاحظ التغير الذي حدث لأصدقائه الذين توزّعوا في أصقاع الأرض. هكذا، يقرر الحكواتي نور الدين ابن محي الدين ابن المعز الدين (الفنان عبد الحليم زريبيع)، أن يرحل هو أيضاً... لكن الى داخل ذاته، وإلى داخلنا أيضاً، لنكون شهوداً مباشرين على ما يرويه من حكايات أو حكايات أصدقائه: شدوان (المغني)، ميمون (الكاتب)، طارق (المرشد السياحي)... لكل هؤلاء عالم ومصير واحد، جُرّوا إليه مرغمين، ما دفعهم الى التأقلم مع الأزمنة المادية المتوحشة التي قلبت كل المعايير الأخلاقية. إنها حكاية تمثّل الحضارة الجديدة بضجيجها المتهافت على الحروب.
هكذا، استطاع “الحكواتي” أن يجسّد حلماً تحقّق على أرض الجزائر دام أربعين سنة هو عمر الصداقة القوية والهوية الثقافية التي تجمع المخرج التونسي المنجي بن إبراهيم والكاتب المغربي عبد الكريم برشيد.