القاهرة ـــ محمد محمود
فيما الانتقادات تلاحق المنتجين المصريين بإهمال بنات البلد، يقوم هؤلاء بـ“التسوّق” في بيروت بحثاً عن “وجوه جديدة” تنقذ الشاشة من“أزمة الممثلات”. بعد نور ورزان، جاء دور هيفا وسيرين. النجدة... اللبنانيات قادمات

في كل مرة تطلّ فنانة أجنبية في فيلم مصري، تعلو أصوات النقاد منتقدة تكريس المنتجين والمخرجين لهذه الظاهرة. لكن الواقع فرض على أرباب هذه الصناعة التي بدأت تشهد حالةً من الانتعاش منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، اللجوء إلى غير المصريات، بعدما بات عدد الممثلات اللواتي يصلحن لأدوار البطولة، أقلّ من عدد الأفلام... هكذا، لم تجد شركات الإنتاج مناصاً من اكتشاف وجوه عربية، تفتقر في معظم الأحيان إلى إمكانات تمثيلية جيدة، من أجل سدّ الفراغ. وهو ما جعل عدد نجمات شباك التذاكر لا يزيد على خمس فنانات فقط. وأخيراً، شُغلت الصحافة المصرية بخبر توقيع هيفا وهبي عقداً مع المنتج السينمائي محمد السبكي. وفيما رأى بعض المتابعين دخول هيفا هذا المجال حدثاً فنياً يستحق الاهتمام، فتحت النجمة من جديد ملفّ حضور اللبنانيات في السينما المصرية. وهو حضور يختلف كثيراً عن ذلك الذي ميّز تجربة مواطناتهن في المرحلة الذهبية من تاريخ السينما المصرية، وأعطى بريقاً خاصاً لصباح ونور الهدى ونجاح سلام وماري منيب وغيرهن.
وعلى رغم أن فيلم هيفا ليس التجربة الأولى لها في عالم الفن السابع، إذ تتعاون مع المخرجة رنده الشهال في عمل آخر، فإن السبكي سيعرف كيف يجذب الناس إلى الفيلم المصري الذي لم يعلن عن اسمه أو تفاصيله بعد. وسينجح المنتج حكماً في تقديم توليفة تحقّق لها انتشاراً عربياً، يفوق ذلك الذي حققته مع أغنيات “بدي عيش” و“رجب” و“بوس الواواشكّلت الفنانات اللبنانيات عموماً ورقة رابحة في أيدي المنتجين. لذا، كان من الطبيعي أن يصل عدد الوافدات من بلاد الشام إلى عشر تقريباً، على رغم أنهن جميعاً لم يقدمن بطولات مطلقة إلا في ما ندر.
قبل هيفا، زارت سيرين عبد النور القاهرة لتعلن توقيع عقد للمشاركة في بطولة فيلم “من ضهر راجل” إلى جانب خالد النبوي وعمرو واكد. والعمل تنتجه جهة حكومية تابعة لوزارة الثقافة، لذا فإن عرضه غير التجاري لن يسمح للفنانة التي شاركت في مسلسلات لبنانية عدة، أن تختبر نجومية السينما إلا من خلال خوض تجربة فيلم آخر، يكتسح دور العرض...
ومن سيرين إلى مايا نصري. تأخرت المغنية اللبنانية كثيراً حتى قررت دخول “السيما”. لكن الحظ لم يحالف طالبة كلية المسرح وصاحبة شعبية لا بأس بها في القاهرة. إذ تأجّل عرض فيلمها الأول مع مصطفى شعبان مرات عدة. وهي تنتظر الرابع عشر من الشهر الجاري لمعرفة حكم الناس على “الكود 36”، على رغم أن النقاد يتوقعون عدم تحقيقه إيرادات كبيرة.
يبدو الأمر مختلفاً مع دوللي شاهين. بعدما حققت النجاح في فيلمها الأول “ويجا” بسبب جرأة الدور، تعثّرت خطواتها اللاحقة: دخلت في مشكلات قضائية مع منتج فيلمها الثاني “خمس نجوم”، ما أخّر موعد عرضه حتى أجل غير مسمّى. أضف إلى ذلك أن مشاريعها الأخرى، أبرزها “الشياطين” مع شريف منير، لم تبصر النور بعد.
أما مروى، فقد قررت منذ البداية أن تظهر في أدوار تعتمد على الجسد لا الموهبة. ونظراً الى إمكاناتها المتواضعة، قدمت شخصيات هامشية في “حاحا وتفاحة” و“أيظن” و“مهمة صعبة”. ويؤكد بعضهم أن مروى لن تقدم أي جديد يذكر، بعد أفول نجمها حتى في عالم الغناءمن بقي إذاً في الميدان؟ هناك نور التي دخلت عالم الأضواء من خلال الإعلانات. وقد شاركت في البدايات مع أحمد السقا في دور فتاة لبنانية في فيلم “شورت وفانلة كاب”. لكن الفنانة التي يعتبرها الجمهور مصرية، إذ لم يشاهدها بعد في أي عمل لبناني، ظلت حبيسة الأدوار الرومانسية الهادئة، ما جعلها موضع انتقاد من كثيرين، حتى إنّ بعضهم يتشكّك في قدرتها على أداء نوعية أخرى من الأدوار. لكنّ أجر نور المتوسط وكثرة الأفلام التي تشارك فيها (7 فقط عام 2007)، أسهما إلى حد ما في انتشارها.
بعد نور، تأتي نيكول سابا التي تسعى جاهدة إلى جذب الأضواء إليها بعدما قدم إليها عادل إمام فرصة ذهبية في فيلم “التجربة الدنماركية”. وفيما حاولت العام الماضي أن تُبعد عنها تهمة “فنانة ذات ملامح أوروبية”، بحثت عن أدوار مختلفة في فيلم “ثُمن دستة أشرار”. لكن ضعف إيرادات آخر أفلامها “قصة الحي الشعبي” أعادها خطوة إلى الوراء. وفي النهاية، تطلّ رزان مغربي التي استطاعت بذكاء شديد أن تتفوق على مواطناتها متسلّحة بفيلم واحد هو “حرب ايطاليا”. وهي، إضافة إلى “حكم الغرام”، تنتظر بدء تنفيذ مشروعات جديدة، قد تنقلها سريعاً إلى صفّ النجمات الأكثر طلباً.
قريباً من هؤلاء، حاولت كل من الأردنية رانيا الكردي والسورية سلاف فواخرجي خرق الحصار اللبناني، وخصوصاً أن الجمهور المصري لا يفرّق بين اللهجات ويعتبر جميع الآتيات من بلاد الشام، لبنانيات... لكن فيلم “الحاسة السابعة” للنجمة الأردنية، و“حليم” الذي شاركت فيه فواخرجي لم يكونا سوى “جس النبض”. علماً بأن فرص الممثلة السورية أفضل بسبب تمتُّعها بموهبة جيدة. وفيما توقع الكثيرون أن تسير على خطى مواطنها جمال سليمان، لم تعلن فواخرجي بعد موافقتها النهائية على مشاركة محمد سعد بطولة فيلمه الجديد. وإن وافقت، فستكسب قاعدة جماهيرية عريضة لكنها قد تفقد خصوصيتها كممثلة قديرة.
يوم دخلت التونسية هند صبري الساحة، دبّ الذعر في قلوب زميلاتها المصريات والعربيات. أما اليوم، فها هي هيفا تدخل السباق من باب آخر. فهل تُحدث هيفا في السينما ما فعلته في الغناء، وتقلب المقاييس، وخصوصاً بعدما تردّد أنّ السبكي قدم إلى الشابة الحسناء مبلغ مليون دولار مقابل الفيلم الأول؟