رنا حايك
كان لا بدّ لقناة “المستقبل” من أن تواجه أمس الصورة التي نقلتها جميع وسائل الإعلام من ساحة رياض الصلح، فبحثت في أدراجها عن “صورة مضادة” تعيد إلى المشهد بعض التوازن.
بدايةً، قسّمت شاشتها إلى نافذتين تعكسان انقسام البلد: ساحة رياض الصلح المكتظة بالمتظاهرين في مقابل ساحة الشهداء حيث ضريح الرئيس الحريري الذي يحرسه رجال الأمن. ثم عمدت إلى بثّ مشاهد عن شهداء “14 آذار”، والمحكمة الدولية التي “أسقطت القناع عن القناع”. وختمت شريط الصور بوعد وجّهته إلى مجموعة من رموز المعارضة: “وحياة اللي راحوا... ما بيرجعوا”. حتى العلم اللبناني كان حاضراً في عملية “خلق التوازن”: عرضت القناة أولاً صوراً لسعد الحريري وهو يعلّق العلم اللبناني على شرفة قصره في قريطم، بعدها جاء دور وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت الذي أكد انه “سعيد بالمتظاهرين الذين تعلموا من “14 آذار” رفع العلم اللبناني”. وعندما رفع المتظاهرون في ساحة رياض الصلح العلم، استدرك النائب وليد جنبلاط الإرباك الممكن وقوعه قائلاً: “سنرفع علم 14 آذار إلى جانب العلم اللبناني لنتميز عن الباقين”. المؤتمر الصحافي الذي عقده جنبلاط صباح أمس شكّل مادة دسمة للقناة التي جعلت من تصريحاته الخبر الرئيسي في شريط الأخبار أسفل الشاشة: “التظاهرة هي محاولة انقلاب لاستعادة زمن الوصاية... يريدون تعطيل المحكمة الدولية...”.
واستعانت “المستقبل” بمواقف بعض الجهات الدينية (المفتي الرفاعي والمفتي دالي بلطة الذي دعا إلى “الابتعاد عن الحرتقات”) والسياسية (تصريحات بعض رجال “14 آذار”). أضف إلى ذلك ذكر جميع أسماء المخاتير والعائلات الذين يدينون التظاهرة، أملاً أن تؤدي كثافة الأسماء إلى إقامة التوازن المنشود... وكان شريط الأخبار يكرر في شكل مكثف جملة: “انطلقت مسيرات سيارة في بيروت والمناطق الأخرى دعماً لحكومة السنيورة”.
ركّز الشريط أيضاً على حادثتين: “انشقاق 98 عضواً من التيار الوطني الحر وانضمامهم إلى ثورة الأرز”، و“إجبار موظفين في مستشفيات خاصة في طرابلس على الالتحاق بتظاهرة المعارضة تحت طائلة الفصل من العمل...” وكانت القناة تكرر بث الخبرين في شكل مكثف، وخصوصاً أثناء فترة النقل المباشر.
في نشرة أخبار الثالثة من بعد الظهر، ركزت مقدمتها على بدء “المحاولة الانقلابية على كل ما تحقق منذ خروج السوريين من لبنان”، وختمها بيار صادق بكاريكاتور شبّه فيه رئيس الجمهورية لحود بـ“أفندي الانتقام”، ورمز إليه بالأفعى.
قد تكون فقرة “رسوم متحررة” الوحيدة التي غرّدت خارج السرب. إذ ابتعد معدّوها عن حرب الصورة والصورة المضادة، ليبحثوا عن الجهة المسؤولة عن وقوع هذه الحرب في الأساس. وبعدما نقل مواطن لصديقه وقائع الاجتماع الذي حاول فيه المسؤولون “كبّ المسؤولية على بعض”، أخبره أنّ أحد المجتمعين رماها من الشباك فوقعت على مواطن كان يمر من هناك. حملها هذا الأخير، فيما أكمل المجتمعون “سهرتهم”!