بغداد ــ الأخبار
منذ بداية الحرب على العراق تتعرض المناطق الأثرية في العراق للسرقة، وترتفع الأصوات مطالبة بوضع حد لعمليات تهريبها عبر الحدود، وقد ذهب مدير مفتشية آثار محافظة ذي قار عبد الأمير الحمداني إلى أن لصوص الآثار يهددون بالقضاء على الحضارة السومرية. يعتبر جنوب العراق معقل الحضارات في العالم. فما بين نهري دجلة والفرات سكن الانسان القديم وطور مسكنه وحياته. ولكن مهد الانسانية اليوم في خطر، والنهب الذي تتعرض له المواقع الأثرية منذ بداية الحرب يفوق كل عمليات السرقة التي تعرضت لها في تاريخها الذي يمتد لآلاف السنين. لفت الحمداني إلى “أن عدد المواقع الأثرية داخل حدود محافظة ذي قار يتجاوز 800، وقد شهدت أرضها كل الحقب الحضارية بدءاً من عهود ما قبل التاريخ حتى العصر الإسلامي المتأخر. ففي بعض المواقع توجد 18 طبقة حضارية”. وأكد الحمداني “ان المخاطر التي يتعرض لها مهد الحضارات كثيرة، ولا يوجد من يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه سوى مفتشية آثار المحافظة التي يتركز عملها في الوقت الراهن على توفير الحماية للمواقع المسجلة على الخريطة الأثرية، وقد اكتُشف الكثير من المواقع غير المدرجة والتي كانت تغمرها المياه في شكل جزئي أو كلي أو كان يستحيل الوصول إليها لأنها تقع في مناطق نائية”. “المواقع التي يستهدفها اللصوص ممتدة على يمين ويسار مجرى الفرات القديم (وادي الرافدين) وتقع على شريط حدودي بين أربع محافظات من جنوب العراق”، وفق ما أكد الحمداني الذي قال إن “100 حارس مدني يقومون بالإبلاغ عن التجاوزات التي تحصل في المواقع القريبة منهم، وهناك قوة حماية الآثار التي زود 25 في المئة من أعضائها بالأسلحة”، وأضاف: “يتركز عمل هؤلاء الحراس المسلحين على حماية الآثار من خلال تسيير دوريات على مدار الساعة. ولكن لا تمتلك هذه القوة إلاّ تسع سيارات تعمل في المحاور الأربعة للمحافظة، وهذا عدد غير كاف وخاصة مع تزايد عدد المواقع الأثرية”. ومهمة هذه القوة هي “ردع من تسول لهم أنفسهم النهب”. وقال الحمداني “السارق هو من أهالي المنطقة ولكنه ليس لصاً بطبعه إذ يتحين الفرص ليقوم بنبش المواقع الأثرية وحفرها». وأضاف “يأتي المهربون وتجار الآثار من المحافظات البعيدة، كبغداد وكربلاء وإقليم كردستان ويدفعون الأموال الطائلة للحصول على القطع الأثرية التي نُبشت. وهذا ما يفرغ المنطقة من إرثها الحضاري. فقد تكون هناك متاحف عالمية تسعى للحصول على هذه القطع بأي ثمن لأن الحضارة السومرية حضارة فريدة، وترتفع أسعار هذه القطع مع مرور الأيام وتباع بأسعار خيالية في الأسواق العالمية في كل من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا”. ومع عدم توافر الحماية الحقيقية لهذا التراث العالمي تُدمر المدن القديمة وتُبعثر آثارها.
والجدير بالذكر ان الخوف يتنامى من أن تقضي تجارة الآثار في شكل كامل على الحضارة السومرية. ففي خلال ثلاث سنوات دُمّر وخُرّب أكثر من مئة موقع أثري، وإن لم تقدّم الحكومة العراقية أو قوات الاحتلال الدعم اللازم في القريب العاجل فستخسر البشرية جزءاً مهماً من ذاكرتها الحضارية.