صباح ايوب
ــ “أنا مصوّر. مصوّر صحافي”
ــ “من وين؟”
ــ “من الجريدة الفلانية او التلفزيون الفلاني”. يخرج بطاقته الصحافية التي تثبت ذلك.
ــ “أعطنا الهوية”
ــ “الهوية؟!”
هكذا إذاً، عادت الحــــرب “على الهوية” والصحافيون أوّل ضحاياها. لم تـــــــعد بطــــاقاتهم المهنية أدوات تسهّل مهماتهم، بل صارت “أدلّة دامغة” قد تعرّضهم للضرب والشتم والمنع من تأدية مهنتهم. والجديد أن تلك البطاقة الصحافية لم تعد تكفي للتعريف بحاملها، لأنّها بكل بساطة تفتقر الى بعض المعلومات الأساسية للاضاءة على “حــــقـــــيـــــقة” صاحبها.
هكذا، صار ضرورياً ان تُطلب الأوراق الثبوتية أي الهوية، التي وحدها يمكنها ان تحدّد الاسم الثلاثي ومكان الولادة والمحافظة والقضاء، وبالتالي تحدّد “مصير” المراسل والمصوّر وإمكان حصوله على الخبر أو الصورة التي جاء من أجلها فقط. هذه الصورة التي قد يعود من دونها، لكن مع ذكرى لن تُنسى بسهولة.
هموم جديدة بات على المراسل الميداني أن يتحملها اضافة الى مصاعب المهنة المعروفة. تحديد “لون” الحدث و“انتمائه” صار أهمّ من الخلفية السياسية وعناصر الخبر الرئيسة. وأصبح السؤال المعتاد عن اسم الصحافي والمؤسسة التي ينتمي اليها بمثابة استجواب قد يدفعه الى الاحتيال والكذب وحتى “نكران” حقيقة انتمائه ليبقى سالماً! حتى إنّه صار يختار البطاقة الصحافية مع الساحة التي يتوجّه الى تغطيتها. وتكرّ سبحة الكذب. تبدأ الكذبة من اللحظة التي يختار فيها المراسل لون ثيابه التي يريدها “متناسقة” مع مناسبة الحدث الذي يغطيه مروراً بالـ “وسايط” التي يجب أن يؤمّنها ليتمكّن من نقل مشاهداته، وصولاً إلى إنكار هويته للحفاظ على نفسه وسط الأخبار التي نسمعها هذه الأيام عن ضرب مراسل ينتمي إلى محطة معينة أو مصوّر يعمل لمصلحة صحيفة محددة.
وفي النهاية، لا يجرؤ المراسل أو المصوّر على ذكر كل تلك “المغامرات” التي خاضها خلال رحلته الشاقة، أو حتى الاشارة اليها في الخبر الذي “يجب” أن يكتبه... أو الــــصورة الــــتي “ينــجح” في التقاطها.