strong>محمد محمود
«روتانا» تعيد ترتيب حساباتها الفنية والمادية.
أنهت عقود بعض المطربين، فيما تمرد بعضهم الآخر عليها. وبين هذا وذاك، اكتشفت الشركة حلاًّ سحرياً: النجوم الجدد!


يوم أطلقت “روتانا” قناتها الخليجية، كانت تعرف تمام المعرفة أنها ستنجح في مغازلة أهل السعودية والإمارات والبحرين... لكنها في المقابل، كانت تقدم خدمة إلى جمهور قنواتها الموسيقية الأخرى، والموجهة عموماً إلى دول المغرب العربي ومصر وبلاد الشام، حيث تحقق الأغنية الخليجية انتشاراً خجولاً. و“روتانا” لا تسجل في مصر مثلاً نسبة مشاهدة عالية مثل قنوات “ميلودي” و“مزيكا” و“زووم”. ولعلّ أبرز أسباب عزوف المشاهد المصري عن شاشاتها الموسيقية، يعود أولاً إلى كثرة المغنين والكليبات التي تقدمها، وهو ما يعني أن جمهور عمرو دياب ومحمد فؤاد سينتظر فترة طويلة ــ يشاهد خلالها كليبات عدة باللهجة الخليجية ــ حتى يطلّ نجمهم المحبوب. من هنا، كان حسن اختيارات اليسا وحسين الجسمي وصابر الرباعي وفضل شاكر سبب نجاحهم في مصر. فيما ظلّ باقي مطربي الشركة في الصفوف الخلفية، حتى وصلت الحال بالمطربين المصريين إلى مغادرة خيمة الشركة الواحد تلو الآخر. أضف إلى ذلك أن سياسة الاحتكار وقرار “روتانا” حصر عرض الأغاني المصورة بقنواتها فقط، أثار انزعاج عدد من الفنانين المنتسبين إلى الشركة، خصوصاً اولئك الذين يعوّلون أساساً على السوق المصرية. وهو ما حصل مع ليلى غفران وإيهاب توفيق اللذين أعطيا نسخاً من أغانيهما المصورة إلى محطة “ميلودي” قبل ان يعلنا انفصالهما عن “روتانا” وانتقاد “تقصيرها” في حقهما.
وسط كل موجات المدّ والجزر هذه، يبدو أن “روتانا” قررت أخيراً تبديل ملامح الصورة. عمدت أولاً إلى إنهاء عقود بعض الفنانين. ثم دار في الكواليس حديث عن نيتها في وضع حدّ لمشاكلها المالية، وطلب مساعدة شركة أجنبية لدراسة موازنتها بعد خسائر فادحة تكبدتها سياسة التوسع وتوقيع العقود مع فنانين لا يحققون أي ربح يذكر. هكذا بدأت تولي اهتماماً خاصاً بنجوم الصف الثاني، وتنظّم لهم حملات ترويج مدروسة في أسواق أهملتها سابقاً مثل القاهرةومن يتابع اخبار الشركة في الفترة الأخيرة يلاحظ اهتمامها بنيللي مقدسي التي انفصلت عن “روتانا” لمدة قصيرة، قبل أن يعلن الطرفان المصالحة. عادت مقدسي إلى “روتانا”، فبثّت الشركة في شكل مكثّف كليبها الأخير “بس هس”، وافتتحت معها الموسم الجديد من برنامج “مع حبي” الذي توقف لمدة شهر ونصف تقريباً بسبب العدوان الأخير على لبنان. إضافة إلى مقدسي، أولت الشركة اهتماماً خاصاً بدينا حايك وألبومها الجديد “تعا لقلبي”. وقدمت لها “روتانا” حملة إعلانات واسعة على شاشتها. هناك أيضاً ماجد المهندس الذي اطلق ألبوم “انجنيت” في حلقة مباشرة من “مع حبي”. ثم أعلن عن نيّة الشركة تصوير ثلاث أغنيات له دفعة واحدة، وإصرارها على مشاركته في معظم المهرجانات العربية، وتخصيصه بحملة إعلانات كبيرة غزت شوارع بيروت والقاهرة قبل شهر تقريباً.
وبعيداً من النجوم، بدّلت الشركة كثيراً من سياسة اهتمامها بتنظيم اللقاءات الصحافية في العواصم العربية. وفيما كانت بيروت المحطة الأبرز لإقامة المؤتمرات الصحافية وعقد اللقاءات الفنية، نقلت الشركة معداتها اخيراً إلى القاهرة، خصوصاً بعد الحرب على لبنان. وهي كانت المرة الاولى التي تنقل فيها “روتانا” خيمتها الرمضانية من بيروت إلى القاهرة، وتدعو إليها عدداً كبيراً من الفنانين اللبنانيين والعرب. كما عمدت إلى تنظيم مؤتمرات صحافية كبيرة في مصر بعدما جرت العادة أن تقيم لقاءات صغيرة لنجوم الشركة لمصريين، وتدعو إليها عدداً قليلاً من اهل الصحافة، أو تكتفي بإقامة حفلات صغيرة لهم، لا تلقى الترحيب الكافي من الصحف المصرية التي تتهم الشركة بـ “تحجيم الغناء المصري”.
لكن المعادلة تغيرت في الأشهر الأخيرة. وها هي “روتانا” تدعو عدداً كبيراً من الصحافيين إلى حضور حفلة توقيع ألبوم مي كساب الأول مع الشركة. وها هي سيرين عبد النور تزور القاهرة للغناء في خيمة رمضان إلى جانب رامي عياش وفارس كرم. كذلك ماجد المهندس والمطرب اللبناني رضا اللذان التقيا مجموعة صحافيين وأجريا معهم حوارات طويلة. واللافت في تصريحات النجوم، الثناء الذي أغدقوه على شركتهم: ماجد المهندس اكد أن بعض المطربين يهدرون حق الشركة، ولا يفهمون بنود العقد الموقع بين الطرفين جيداً، مشيراً إلى أن للمغني دوراً أساسياً في التسويق لأغانيه، و“ليس معقولاً أن تتحمل الشركة العبء وحيدة”. اما المغني اللبناني رضا، فأكد أن أسلوب “روتانا” تغير كثيراً بعدما عمدت الى مساعدة الفنان في إدارة اعماله. وهو ما سمح له بالتفرغ لمتابعة الشؤون الفنية الصرف. في زيارته الرسمية الأولى إلى القاهرة، تعرّف الجمهور المصري أخيراً الى صاحب أغنية “وعدّى العمر” بعدما التقى أهل الصحافة‍!