strong>مهى زراقط
لماذا غاب ممثلو LBC و“المستقبل” و“صوت لبنان” عن الاجتماع الطارئ الذي دعا إليه أمس “المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع”؟ تنافر في وجهات النظر؟ أم قرار بالاستمرار في السياسة الإعلامية الحالية؟

هل انضم «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع} إلى المؤسسات اللبنانية }المعزولة»؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه تغيّب ثلاث مؤسسات إعلامية أمس (“LBC”، “المستقبل” و“صوت لبنان”) عن حضور الاجتماع الطارئ للمجلس بهدف «تبريد المناخات الإعلامية المتوترة في البلد». سؤال يطرحه أيضاً عدد من ممثلي الوسائل الإعلامية التي حضرت، وفي نيّتها النقاش للتوصل إلى وضع مبادئ عامة يلتزمها الجميع.
«كان لدينا الكثير لنقوله ونناقشه» تقول مديرة الأخبار في «نيو تي في» مريم البسّام. ويعرب مسؤول العلاقات العامة في «المنار» إبراهيم فرحات عن رغبة حقيقية لدى إدارة القناة في التوصل إلى اتفاق على التهدئة يلتزمه الجميع. وهذا ما يؤكده مدير الأخبار في «أن بي أن» قاسم سويد. ويسأل الثلاثة: «لكن من كنا سنناقش؟ أنفسنا؟ مع من سنتفق إذا كان الطرف الآخر غائباً؟».
هذه الأسئلة والهواجس ليست نفسها لدى الأطراف المتغيّبة. في إجابتهم عن أسباب «عدم الحضور» لا يشيرون إلى زملائهم في القنوات الأخرى، ولا إلى النقاش الذي كان سيحصل، لكن يتطرّقون إلى الآلية التي اعتمدها رئيس المجلس عبد الهادي محفوظ في الدعوة إلى الاجتماع.
يقول مدير الأخبار في تلفزيون «المستقبل» راشد فايد: “لا عتب عليّ في عدم الحضور، إذ لم تتم دعوتي”. موضحاً أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس المجلس عبد الهادي محفوظ يدعوه فيه إلى الاجتماع، «لكن الدعوة الرسمية وُجّهت إلى رئيس مجلس الإدارة نديم المنلا وليس إلي، وهو لم ينتدبني لتمثيله. بالتالي لست أنا الشخص المخوّل الإجابة عن هذا السؤال». أما المنلا فقد تعذّر الاتصال به، رغم محاولاتنا المتكررة.
إجابة رئيس مجلس إدارة “أل بي سي” بيار الضاهر تتعلق بشكل الدعوة أيضاً: «لم أحضر لأني كنت قد اتفقت مع محفوظ على أن يمرّ لزيارتي يوم الأربعاء الماضي، للتشاور في موضوع الاجتماع والاتصالات التي أجراها بالمعنيين. لكنه لم يأت».
محفوظ لا ينفي أنه وعد الضاهر بزيارة «لكنني لم أستطع القيام بها. أرسلت فاكسات إلى رؤساء مجالس الإدارة كالعادة، واتصلت هاتفياً بالجميع. ولم أتصل بالمنلا (المستقبل) لأنه غالباً لا يكون «على السمع» فاتصلت بفايد».
المسألة إذاً لا تتعلق بآلية الدعوة، هذا ما يوضحه مدير «صوت لبنان» سيمون الخازن في إجابة مباشرة جداً. يعتقد بأن هناك خطأ في التوقيت: «كان على محفوظ أن يتشاور مع المؤسسات المعنية، قبل أن يبادر إلى الدعوة إلى اجتماع. نحن لا نريد أن نخلق جبهة جديدة عبر المجلس الوطني للإعلام... فالوضع لا يحتمل المزيد من الاصطفافات».
ويورد الخازن ملاحظتين، تتعلق الأولى بهدف الاجتماع: «يقول بيان المجلس اليوم (أمس) إن الرؤية الإعلامية غير متوافرة على الصعيد الحكومي. كيف تتم إذاً دعوتنا إلى اجتماع قبل توافر تلك الرؤية؟ لماذا لا تُوضَّح الأمور أولاً مع وزير الإعلام؟». أما الملاحظة الثانية، فتتصل بسلوك رئيس المجلس وعدد من أعضائه «الذين لا يتوقفون عن الظهور الإعلامي وإطلاق مواقف سياسية شبه يومية تناقض دور المجلس الوطني وحياديته».
وهنا نصل إلى بيت القصيد... تشكيك بعض الأطراف في حياد المجلس. فايد مثلاً يرى “أن هذا المجلس لا يتحرك إلا عندما يجري الرد على الطرف الآخر، أي في إطار رد الفعل. لماذا لم يبادر إلى الدعوة إلى هذا الاجتماع قبل شهر؟ كان عليه قبل دعوتنا أن يؤكد سلطته كطرف محايد».
أما البسّام فتتفادى الدخول في نقاش حول “حياد المجلس”. ما يهمّها هو التعبير عن تخوّف من إلغاء دور هذه المؤسسة الإعلامية: “إلا إذا كانوا يريدون أن تصبح محكمة المطبوعات هي الحكم بيننا... إذا كانوا لا يثقون بالمجلس، ولا يقيمون وزناً لدوره، فليطالبوا بحلّه إذاً”.
ويذهب قاسم سويد في الاتجاه نفسه، مشيراً إلى أن التخلّف عن الاجتماع، نوع من “عدم الاعتراف بشرعية المجلس وردوه، إضافة إلى رغبة بعض الأطراف في مواصلة المنحى الإعلامي الذي يسيرون عليه حالياً». ويرفض في هذا الإطار التهم الموّجهة إلى «أن بي أن» بممارسة الشحن الطائفي: «نحن مع المعارضة، وهذا واضح على شاشتنا. لكننا لا نمارس التعبئة المذهبية!». الموقف نفسه نسمعه من إبراهيم فرحات: «الشحن المذهبي غير موجود على شاشة «المنار» بخلاف غيرنا».
ويرد فايد على تهم الشحن الطائفي: “نحن لا نفعل في “المستقبل” أكثر من الدفاع عن أنفسنا... كان لدينا العديد من الصور والأفلام التي لم نبثها إلا بعدما اضطرونا إلى الرد عليهم”.
وفي برج بابل الإعلامي هذا، يبدو التفاهم صعباً: “العقوبة قد تكون ضارة في هذه الأجواء، لأنها شئنا أو أبينا ستصبّ في خانة التسييس” يقول محفوظ، داعياً إلى تغليب الأمور المشتركة. دعوة قد لا تجد من يلبيها بعد أن «أسقط المجلس دوره، وكان بوسعه العمل على خط التهدئة بشكل يومي»، كما يقول سيمون الخازن، مدير «صوت لبنان». يبقى السؤال معلقاً على مصير مؤسسة حيوية في ترسيخ الديموقراطية والاستقرار الأهلي مثل “المجلس الوطني للإعلام”.