الدوحة ــ جوانا عازار
«مدام بترفلاي»، وصلت أخيراً إلى الدوحة، وعرضت الأوبرا الكلاسيكيّة الشهيرة في مسرحيّة من ثلاثة مشاهد لثلاث ساعات، فبهرت الجمهور الكبير الذي حضر العرض في فندق شيراتون، فبكى البعض وصفق كثيرون للأداء الغنائي والمتميز الذي قدمه المغنون.
اتسمت مشاهد المسرحيّة بالحميميّة والدفء، وعرضت ما عاشه حبيبان من اشتياق وعشق وخسارة وألم. كان العرض عملاً جميلاً تميّز بقصّة بطلتها سيوسيوسان أو بترفلاي، وحبيبها كابتن البحريّة الأميركي بينكرتون. حملت المسرحيّة الجمهور في رحلة يملأها حزن العاشقين وتعاستهما.
دومينيك فيرنير مسؤول في شركة “سارا” التي تكفّلت بتأمين عرض “مدام بترفلاي” في قطر، رأى “أن جميع عروض الأوبرا ممكن أن تتّصف بالعالميّة، و“مدام بترفلاي” هي من دون شكّ من الأسماء اللامعة والمنتشرة جداً في العالم كأوبرا كارمن مثلاً”.
قدم المسرحيّة الأوبراليّة 110 فنانين من روسيا هم الممثّلون والمغنّون والموسيقيون. وتمحور موضوعها حول قصّة آسيويّة. القصّة شرقيّة، وبالتالي هذا ما برّر اختيار عرضها في بلد شرقي بالتزامن مع الألعاب الآسيويّة الـ15 التي استضافتها العاصمة القطرية.
لفت فيرنير إلى أنّ القصّة تبدو معقّدة في بداية العرض، إلا أنها لا تلبث أن تصبح بسيطة وتسهل بالتالي متابعتها.
استطاعت “مدام بترفلاي” أن تستقطب أشخاصاً مهمّين من قطر ومن بلدان أخرى واعتبرت أيضاً عرضاً اجتماعيّاً متميّزاً لأنها شكلت فرصة لتلاقي حضور منوّع جمع بين مختلف الثقافات والجنسيّات. وقال فيرنير: “صحيح أنّ معظم من يقدّم هذا النوع الفنّي الراقي هم أوروبّيون أو أميركيّون، إلا أنّه إلى جانب ذلك هناك تقاليد للأوبرا في الشرق كالأوبرا الصينيّة التي يعشقها جمهور خاصّ مثقف، إضافة إلى العروض اليابانيّة، كلّها تشكل عروضاً عالميّة ويحبها الجمهور في الغرب كأوروبا والولايات المتّحدة وفي الشرق، وهذا دليل على قدرة الشعوب على التعرف والاستمتاع بالثقافات المختلفة. وتلفت المسرحيات المختلفة إلى الإبداع الثقافي في آسيا”. “مدام بترفلاي” التي قُدِّمت في عروض مختلفة تتنوّع القراءات النقدية لها، وقال فيرنير: “إنها تكشف خيانة الرجل الغربي للمرأة الآسيويّة. والقصّة محض آسيويّة تنتهي بوضع البطلة حداً لحياتها، وهذا لا يحصل في الغرب حيث للحفاظ على الشرف معنى مختلف”. العرض جرى لحفلة واحدة فقط، ومن المتوقّع حسب فيرنير أن تطلب بلدان عربيّة عدّة عرض الأوبرا على خشبات مسارحها منها عمّان، والبحرين، والكويت... ويرى فيرنير أنّ “ فن الأوبرا يتطوّر أكثر فأكثر في الشرق وفي البلدان العربيّة تحديداً”، وأمل أن تزيّن أوبرا “مدام بترفلاي” مسارح لبنان “البلد الذي يملك تجربة غنيّة في التنوّع الثقافي. إضافة إلى أنّ الجمهور اللبناني كبير وهو على درجة عالية من الثقافة، كما أنّ طبيعة البلد الجغرافيّة قريبة جدّاً من طبيعة البلدان الأوروبيّة”.
وقد أثنى فارنر على ما تقدمه المهرجانات اللبنانية الدولية في بعلبك وجبيل وبيت الدين، لكنه تخوّف من الوضع السياسي الهشّ الذي يؤثّر على الإنتاج الثقافي.